فصل: فَصْلٌ: (تعليق الطلاق بالشرط)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***


فصل‏:‏ في الطلاق في الزمن المستقبل

إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَوْ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏يَوْمَ كَذَا وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏بِأَوَّلِهِمَا‏)‏ أَيْ طُلُوعِ فَجْرِهَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْغَدَ، وَيَوْمَ كَذَا ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ، فَكُلُّ جُزْءٍ مِنْهُمَا صَالِحٌ لِلْوُقُوعِ فِيهِ فَإِذَا وَجَدَ مَا يَكُونُ ظَرْفًا لَهُ مِنْهُمَا وَقَعَ كَأَنْتِ طَالِقٌ إذَا دَخَلْتِ الدَّارَ حَيْثُ تَطْلُقُ بِدُخُولِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهَا وَالْغَدُ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَلِي يَوْمَك أَوْ لَيْلَتَك ‏(‏وَلَا يَدِينُ وَلَا يُقْبَلُ‏)‏ مِنْهُ ‏(‏حُكْمًا إنْ قَالَ أَرَدْت آخِرَهُمَا‏)‏ أَيْ الْغَدَ وَيَوْمَ كَذَا؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَا يَحْتَمِلُهُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ أَنْتَ طَالِقٌ ‏(‏فِي غَدٍ أَوْ فِي رَجَبٍ‏)‏ مَثَلًا ‏(‏يَقَعُ بِأَوَّلِهِمَا‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ وَأَوَّلُ الشَّهْرِ غُرُوبُ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ الَّذِي قَبْلَهُ ‏(‏وَلَهُ‏)‏ أَيْ الزَّوْجِ ‏(‏وَطْءُ‏)‏ مُعَلَّقٍ طَلَاقَهَا، ‏(‏قَبْلَ وُقُوعِ‏)‏ طَلَاقٍ لِبَقَاءِ نِكَاحٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏الْيَوْمَ أَوْ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فِي هَذَا الشَّهْرِ يَقَعُ فِي الْحَالِ‏)‏ لِمَا سَبَقَ ‏(‏فَإِنْ قَالَ أَرَدْت‏)‏ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ ‏(‏فِي آخِرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ‏)‏ أَوْ فِي وَقْتِ كَذَا مِنْهَا ‏(‏دُيِّنَ وَقُبِلَ‏)‏ مِنْهُ ‏(‏حُكْمًا‏)‏؛ لِأَنَّ آخِرَ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَأَوْسَطَهَا، مِنْهَا كَأَوَّلِهَا فَإِرَادَتُهُ لِذَلِكَ لَا تُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِغْرَاقِ الزَّمَنِ لِلطَّلَاقِ لِصِدْقِ قَوْلِ الْقَائِلِ صُمْت فِي رَجَبٍ حَيْثُ لَمْ يَسْتَوْعِبْهُ بِخِلَافِ صُمْتُ رَجَبَ وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ وَأَنْتِ طَالِقٌ فِي أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا أَوْ غُرَّتِهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ أَوْ مَجِيئِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْت آخِرَهُ أَوْ وَسَطَهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ لَا يَحْتَمِلُهُ وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ فِي شَهْرِ كَذَا لَمْ يَحْنَثْ قَبْلَ انْقِضَائِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا‏)‏ وَقَعَ فِي الْحَالِ ‏(‏أَوْ قَالَ‏)‏ لَهَا أَنْتَ طَالِقٌ ‏(‏فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ‏)‏ فِي الشَّهْرِ ‏(‏الْآتِي وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏فِي الْحَالِ‏)‏؛ لِأَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ وَلَا مُقْتَضَى لِتَأْخِيرِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ أَوْ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ وَفِي بَعْدَهُ فَ‏)‏ طَلْقَةٌ ‏(‏وَاحِدَةٌ فِي‏)‏ الصُّورَةِ ‏(‏الْأُولَى‏)‏ وَهِيَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ؛ لِأَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ الْيَوْمَ كَانَتْ طَالِقًا غَدًا وَبَعْدَهُ ‏(‏كَقَوْلِهِ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏كُلَّ يَوْمٍ وَ‏)‏ يَقَعُ ‏(‏ثَلَاثٌ فِي‏)‏ الصُّورَةِ ‏(‏الثَّانِيَةِ‏)‏ وَهِيَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ وَفِي بَعْدِهِ؛ لِأَنَّ إتْيَانَهُ بِفِي وَتَكْرَارَهَا يَدُلُّ عَلَى تَكْرَارِ الطَّلَاقِ ‏(‏كَقَوْلِهِ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فِي كُلِّ يَوْمٍ‏)‏ فَيَقَعُ ثَلَاثٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةٌ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا بَانَتْ بِالْأُولَى فَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ‏)‏ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي يَوْمِهِ وَقَعَ بِآخِرِهِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ يَفُوتُ بِهِ طَلَاقُهَا فَوَجَبَ وُقُوعُهُ فِي آخِرِ وَقْتِ الْإِمْكَانِ كَمَوْتِ أَحَدِهِمَا فِي الْيَوْمِ ‏(‏أَوْ أَسْقَطَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ‏)‏ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك ‏(‏أَوْ‏)‏ أَسْقَطَ ‏(‏الْأَوَّلَ‏)‏ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ ‏(‏وَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي يَوْمِهِ‏)‏ وَقَعَ الطَّلَاقُ ‏(‏بِآخِرِهِ‏)‏؛ لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ إنْ فَاتَنِي طَلَاقُك الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فِيهِ، وَيَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ إذَا أَسْقَطَ الْيَوْمَيْنِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدُمُ زَيْدٌ‏)‏ مَثَلًا ‏(‏يَقَعُ‏)‏ الطَّلَاقُ بِهَا ‏(‏يَوْمَ قُدُومِهِ مِنْ أَوَّلِهِ‏)‏ أَيْ يَوْمَ الْقُدُومِ كَأَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ كَذَا ‏(‏وَلَوْ مَاتَا‏)‏ أَيْ الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا ‏(‏غَدْوَةً وَقَدِمَ‏)‏ زَيْدٌ ‏(‏بَعْدَ مَوْتِهِمَا‏)‏ أَوْ أَحَدِهِمَا ‏(‏مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ‏)‏ لَتَبَيَّنَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ فَقَدْ سَبَقَ الْمَوْتُ ‏(‏وَلَا يَقَعُ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏إذَا قَدِمَ بِهِ‏)‏ أَيْ زَيْدٍ ‏(‏مَيِّتًا أَوْ مُكْرَهًا‏)‏؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدُمْ، فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ ‏(‏إلَّا بِنِيَّةِ‏)‏ حَالِفٍ بِقُدُومِهِ حُلُولٌ بِالْبَلَدِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا ‏(‏وَلَا يَقَعُ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏إذَا قَدِمَ‏)‏ زَيْدٌ ‏(‏لَيْلًا مَعَ نِيَّتِهِ‏)‏ أَيْ الزَّوْجِ بِالْيَوْمِ ‏(‏نَهَارًا‏)‏ لِتَخْصِيصِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ نَهَارًا فَظَاهِرُهُ تَطْلُقُ قَدِمَ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَالْإِقْنَاعِ لِاسْتِعْمَالِ الْيَوْمِ فِي مُطْلَقِ الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ‏}‏ وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ لَا تَطْلُقُ‏.‏

قَالَ فِي الْإِنْصَافِ‏:‏ وَهُوَ الْمَذْهَبُ‏.‏

قَالَ الشِّهَابُ الْفَتُوحِيُّ وَالِدُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ وَهُوَ أَظْهَرُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ فِي غَدِ‏)‏ أَوْ يَوْمِ كَذَا أَوْ شَهْرِ كَذَا ‏(‏إذَا قَدِمَ زَيْدٌ‏)‏ مَثَلًا ‏(‏فَمَاتَتْ‏)‏ فِي الْغَدِ أَوْ يَوْمِ كَذَا أَوْ فِي الشَّهْرِ ‏(‏قَبْلَ قُدُومِهِ لَمْ تَطْلُقْ‏)‏؛ لِأَنَّ ‏(‏إذَا‏)‏ اسْمٌ لِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ فَمَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ فِي غَدٍ أَوْ نَحْوِهِ وَقْتَ قُدُومِهِ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ كَذَا أَوْ شَهْرَ كَذَا إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ مِنْ أَوَّلٍ بِقُدُومِهِ فِيهِ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ ‏(‏وَأَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا فَوَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ‏)‏ كَقَوْلِهِ‏:‏ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا ‏(‏وَإِنْ نَوَى فِي كُلِّ يَوْمٍ‏)‏ طَلْقَةً ‏(‏أَوْ‏)‏ نَوَى أَنَّهَا تَطْلُقُ ‏(‏بَعْضَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَبَعْضَهَا غَدًا فَثِنْتَانِ‏)‏ تَكْمِيلًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَقَوْلِهِ‏:‏ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْضَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَبَعْضَ طَلْقَةٍ غَدًا‏.‏

‏(‏وَإِنْ نَوَى‏)‏ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا، أَنَّهَا تَطْلُقُ ‏(‏بَعْضَهَا‏)‏ أَيْ الطَّلْقَةِ ‏(‏الْيَوْمَ وَبَقِيَّتَهَا غَدًا فَوَاحِدَةٌ‏)‏؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ بِالْبَعْضِ طَلْقَةٌ فَلَا يَبْقَى لَهَا بَقِيَّةٌ تَقَعُ غَدًا كَقَوْلِهِ‏:‏ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْضَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَبَقِيَّةُ الطَّلْقَةِ غَدًا ‏(‏وَأَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ أَوْ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى ‏(‏حَوْلٍ أَوْ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى ‏(‏الشَّهْرِ أَوْ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى ‏(‏الْحَوْلِ وَنَحْوَهُ‏)‏ كَانَتْ طَالِقًا إلَى أُسْبُوعٍ أَوْ الْأُسْبُوعَ ‏(‏يَقَعُ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏بِمُضِيِّهِ‏)‏ أَيْ الشَّهْرِ أَوْ الْحَوْلِ، وَنَحْوِهِ‏.‏

رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَوْقِيتًا لِإِيقَاعِهِ كَقَوْلِهِ‏:‏ أَنَا خَارِجٌ إلَى سَنَةٍ أَيْ بَعْدَهَا، فَإِذَا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بِالشَّكِّ، وَقَدْ تَرَجَّحَ هَذَا الِاحْتِمَالُ بِأَنَّهُ جَعَلَ لِلطَّلَاقِ غَايَةً‏.‏

وَلَا غَايَةَ لِآخِرِهِ بَلْ لِأَوَّلِهِ ‏(‏إلَّا أَنْ يَنْوِيَ وُقُوعَهُ إذَنْ‏)‏ أَيْ حِينَ التَّكَلُّمِ بِهِ ‏(‏فَيَقَعُ‏)‏ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ ‏(‏كَ‏)‏ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏بَعْدَ مَكَّةَ أَوْ إلَيْهَا‏)‏ أَيْ مَكَّةَ ‏(‏وَلَمْ‏.‏

يَنْوِ بُلُوغَهَا‏)‏ فَيَقَعُ فِي الْحَالِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ فَبِدُخُولِهِ‏)‏ تَطْلُقُ أَيْ بِغُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فِي آخِرِهِ‏)‏ أَيْ الشَّهْرِ ‏(‏فَفِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ‏)‏ تَطْلُقُ أَيْ عِنْدَ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ ‏(‏وَ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فِي أَوَّلِ آخِرِهِ‏)‏ أَيْ الشَّهْرِ ‏(‏فَبِفَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ‏)‏ أَيْ الشَّهْرِ تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ آخِرَهُ وَيَحْرُمُ أَنْ يَطَأَهَا فِي تَاسِعٍ وَعِشْرِينَ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هُوَ آخِرُ الشَّهْرِ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهَا طَلُقَتْ مِنْ أَوَّلِهِ ‏(‏وَ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فِي آخِرِ أَوَّلِهِ‏)‏ أَيْ الشَّهْرِ ‏(‏فَبِفَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ‏)‏ أَيْ الشَّهْرِ تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ اللَّيْلَةُ الْأُولَى مِنْهُ وَآخِرُهَا طُلُوعُ الْفَجْرِ‏.‏

وَفِي الْإِقْنَاعِ تَطْلُقُ فِي آخِرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏إذَا مَضَى يَوْمٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ كَانَ‏)‏ تَلَفُّظُهُ بِذَلِكَ ‏(‏نَهَارًا وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏إذَا عَادَ النَّهَارُ إلَى مِثْلِ وَقْتِهِ‏)‏ الَّذِي تَلَفَّظَهُ فِيهِ مِنْ أَمْسِهِ ‏(‏وَإِنْ كَانَ‏)‏ تَلَفُّظُهُ بِذَلِكَ ‏(‏لَيْلًا فَ‏)‏ إنَّهَا تَطْلُقُ ‏(‏بِغُرُوبِ شَمْسِ الْغَدِ‏)‏ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَنْ يَصْدُقُ أَنَّهُ مَضَى يَوْمٌ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏إذَا مَضَتْ سَنَةٌ‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فَبِمُضِيِّ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا‏)‏ تَطْلُقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا‏}‏ أَيْ شُهُورُ السَّنَةِ‏.‏

وَتُعْتَبَرُ الشُّهُورُ ‏(‏بِالْأَهِلَّةِ‏)‏ تَامَّةً كَانَتْ أَوْ نَاقِصَةً ‏(‏وَيُكَمَّلُ مَا‏)‏ أَيْ شَهْرٌ ‏(‏حَلَفَ فِي أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ‏)‏ ثَلَاثِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ، فَإِنْ تَفَرَّقَ فَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَقَدْ أَمْكَنَ اسْتِيفَاءُ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ فَوَجَبَ الِاعْتِبَارُ بِهَا، كَمَا حَلَفَ فِي أَوَّلِ شَهْرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ‏}‏، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِسَنَةٍ إذَا انْسَلَخَ ذُو الْحِجَّةِ قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا هُوَ أَغْلَظُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏إذَا مَضَتْ السَّنَةُ‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فَبِانْسِلَاخِ ذِي الْحِجَّةِ‏)‏ مِنْ السَّنَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ عَرَّفَهَا فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ الْعَهْدِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏}‏ وَالسَّنَةُ الْمَعْرُوفَةُ آخِرُهَا ذُو الْحِجَّةِ ‏(‏وَ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏إذَا مَضَى شَهْرٌ فَبِمُضِيِّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا‏)‏ تَطْلُقُ لِمَا مَرَّ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏إذَا مَضَى الشَّهْرُ‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فَبِانْسِلَاخِهِ‏)‏ تَطْلُقُ لِمَا سَبَقَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ طَلْقَةٍ، وَكَانَ تَلَفُّظُهُ‏)‏ بِالتَّعْلِيقِ ‏(‏نَهَارًا وَقَعَ إذَنْ‏)‏ أَيْ فِي الْحَالِ ‏(‏طَلْقَةٌ وَ‏)‏ وَقَعَتْ الطَّلْقَةُ ‏(‏الثَّانِيَةُ بِفَجْرِ الْيَوْمِ الثَّانِي‏)‏ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا ‏(‏وَكَذَا‏)‏ تَقَعُ الطَّلْقَةُ ‏(‏الثَّالِثَةُ‏)‏ بِفَجْرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفَصْلِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فِي مَجِيءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ‏.‏

فَفِي أَوَّلِ‏)‏ الْيَوْمِ ‏(‏الثَّالِثِ‏)‏ تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ مَجِيءُ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةٌ تَقَعُ‏)‏ الطَّلْقَةُ ‏(‏الْأُولَى فِي الْحَالِ‏)‏؛ لِأَنَّ كُلَّ أَجَلٍ ثَبَتَ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ ثَبَتَ عَقِبَهُ، وَلِأَنَّهُ جَعَلَ السَّنَةَ طَرَفًا لِلطَّلَاقِ، فَوَقَعَ فِي أَوَّلِهَا لِعَدَمِ مُقْتَضَى التَّأْخِيرِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ تَقَعُ الطَّلْقَةُ ‏(‏الثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ‏)‏ الْآتِي عَقِبَهَا ‏(‏وَكَذَا‏)‏ تَقَعُ الطَّلْقَةُ ‏(‏الثَّالِثَةُ‏)‏ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ الْآتِي بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَقَعُ الطَّلْقَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ ‏(‏إنْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ‏)‏ أَوْ رَجْعِيَّةً فِي الْعِدَّةِ لِيُصَادِفَ الطَّلَاقُ مَحَلًّا لِلْوُقُوعِ ‏(‏وَلَوْ بَانَتْ‏)‏ الْمُطَلَّقَةُ ‏(‏حَتَّى مَضَتْ‏)‏ السَّنَةُ ‏(‏الثَّالِثَةُ‏)‏ بِأَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَمْ يَنْكِحْهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا الثَّالِثَةِ ‏(‏ثُمَّ تَزَوَّجَهَا‏)‏ بَعْدَهُمَا ‏(‏لَمْ يَقَعَا‏)‏ أَيْ الطَّلْقَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ لِانْقِضَاءِ زَمَنِهَا‏.‏

‏(‏وَلَوْ نَكَحَهَا‏)‏ أَيْ الْمَقُولَ لَهَا ذَلِكَ ‏(‏فِي‏)‏ السَّنَةِ ‏(‏الثَّانِيَةِ أَوْ‏)‏ ‏(‏الثَّالِثَةِ طَلُقَتْ عَقِبَهُ‏)‏ أَيْ عَقِبَ نِكَاحِهَا؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ السَّنَةِ الَّتِي جَعَلَهَا ظَرْفًا لِلطَّلَاقِ وَمَحَلًّا لَهُ، وَكَانَ سَبِيلُهُ أَنْ يَقَعَ فِي أَوَّلِهَا فَمَنَعَ مِنْهُ كَوْنُهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ فَإِذَا عَادَتْ الزَّوْجِيَّةُ فَقَدْ زَالَ الْمَانِعُ ‏(‏وَإِنْ قَالَ فِيهَا‏)‏ أَيْ مَسْأَلَةِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةٌ ‏(‏وَفِي‏)‏ صُورَةِ مَا إذَا قَالَ ‏(‏إذَا مَضَتْ السَّنَةُ‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَرَدْت بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا دِينَ‏)‏؛ لِأَنَّهَا سَنَةٌ حَقِيقِيَّةٌ ‏(‏وَقُبِلَ‏)‏ مِنْهُ ‏(‏حُكْمًا‏)‏؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ ‏(‏وَإِنْ قَالَ أَرَدْت ابْتِدَاءً كَوْنَ السِّنِينَ الْمُحَرَّمَ دِينَ‏)‏؛ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِنِيَّتِهِ ‏(‏وَلَمْ يُقْبَلْ‏)‏ مِنْهُ ‏(‏حُكْمًا‏)‏؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ‏.‏

بَابُ‏:‏ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ

جَمْعُ شَرْطٍ وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ وَالْمُرَادُ هُنَا الشَّرْطُ اللُّغَوِيُّ ‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ التَّعْلِيقُ طَلَاقًا كَانَ الْمُعَلَّقُ أَوْ غَيْرُهُ ‏(‏تَرْتِيبُ شَيْءٍ غَيْرِ حَاصِلٍ‏)‏ فِي الْحَالِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ نَذْرٍ وَنَحْوِهِ ‏(‏عَلَى شَيْءٍ حَاصِلٍ‏)‏ أَيْ مَوْجُودٍ فِي الْحَالِ كَإِنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَانَتْ كَذَلِكَ ‏(‏أَوْ‏)‏ عَلَى شَيْءٍ ‏(‏غَيْرِ حَاصِلٍ‏)‏ كَإِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏بِ‏)‏ حَرْفِ ‏(‏إنْ‏)‏ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَهِيَ أُمُّ أَدَوَاتِ الشُّرُوطِ ‏(‏أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا‏)‏ مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ الْجَازِمَةِ كَمَتَى وَمَهْمَا وَغَيْرِهِمَا كَإِذَا وَلَوْ وَلَا يَكُونُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَاضِيًا وَلِذَلِكَ إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَدَوَاتُ الشَّرْطِ قَلَبَتْهُ مُسْتَقْبَلًا‏.‏

‏(‏وَيَصِحُّ‏)‏ تَعْلِيقٌ ‏(‏مَعَ تَقَدُّمِ شَرْطٍ‏)‏ كَإِنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ خَلِيَّةٌ بِنِيَّةِ الطَّلَاقِ ‏(‏وَ‏)‏ يَصِحُّ تَعْلِيقٌ مَعَ ‏(‏تَأَخُّرِهِ‏)‏ أَيْ الشَّرْطِ ‏(‏بِصَرِيحٍ‏)‏ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ جَلَسْتِ ‏(‏وَبِكِنَايَةٍ‏)‏ كَأَنْتِ مُسَرَّحَةٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ ‏(‏مَعَ قَصْدِ‏)‏ الطَّلَاقِ بِالْكِنَايَةِ ‏(‏وَلَا يَضُرُّ‏)‏ أَيْ لَا يَقْطَعُ التَّعْلِيقَ فَصْلٌ ‏(‏بَيْنَ الشَّرْطِ وَ‏)‏ بَيْنَ ‏(‏حُكْمِهِ‏)‏ أَيْ جَوَابِهِ ‏(‏بِكَلَامٍ مُنْتَظِمٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ قُمْتِ‏)‏ أَوْ إنْ قُمْتِ يَا زَانِيَةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ حُكْمًا ‏(‏وَيَقْطَعُهُ‏)‏ أَيْ التَّعْلِيقُ ‏(‏سُكُوتُهُ‏)‏ بَيْنَ شَرْطٍ وَجَوَابِهِ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ كَلَامٌ فِيهِ وَلَوْ قَلَّ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يَقْطَعُهُ ‏(‏تَسْبِيحُهُ‏)‏ أَيْ الْمَعْنَى بَيْنَ شَرْطٍ وَجَزَائِهِ ‏(‏وَنَحْوُهُ‏)‏ أَيْ التَّسْبِيحُ كَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ وَكُلِّ مَا لَا يَكُونُ مَعَهُ الْكَلَامُ مُنْتَظِمًا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ مُنَجَّزًا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةٌ رَفْعًا وَنَصْبًا‏)‏ أَيْ بِرَفْعِ مَرِيضَةٌ وَنَصْبِهِ ‏(‏يَقَعُ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏بِمَرَضِهَا‏)‏ لِوَصْفِهَا بِالْمَرَضِ حِينَ الْوُقُوعِ فَهُوَ فِي مَعْنَى إذَا مَرِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏وَمَنْ‏)‏ بِفَتْحِ الْمِيمِ ‏(‏وَأَيٌّ‏)‏ بِالتَّنْوِينِ ‏(‏الْمُضَافَةُ إلَى الشَّخْصِ يَقْتَضِيَانِ عُمُومَ ضَمِيرِهِمَا‏)‏؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ ‏(‏فَاعِلًا‏)‏ كَانَ ضَمِيرُهُمَا كَمَنْ قَامَتْ مِنْكُنَّ أَوْ أَيَّتُكُنَّ قَامَتْ فَهِيَ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ مَفْعُولًا‏)‏ كَمَنْ أَقَمْتهَا أَوْ أَيَّتُكُنَّ أَقَمْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَيَعُمُّ مَنْ قَامَتْ مِنْهُنَّ فِي الْأُولَيَيْنِ وَمَنْ أَقَامَهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ كَمَا تَقْتَضِي أَيْ الْمُضَافَةُ إلَى الْوَقْتِ عُمُومِهِ كَقَوْلِهِ‏:‏ أَيُّ وَقْتٍ قُمْت أَوْ أَقَمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَعُمُّ كُلَّ الْأَوْقَاتِ‏.‏

‏(‏وَلَا يَصِحُّ‏)‏ تَعْلِيقُ طَلَاقٍ ‏(‏إلَّا مِنْ زَوْجٍ‏)‏ يَصِحُّ تَنْجِيزُهُ مِنْهُ حِينَ التَّعْلِيقِ ‏(‏فَ‏)‏ مَنْ قَالَ ‏(‏إنْ تَزَوَّجْتُ‏)‏ امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ إنْ تَزَوَّجَ ‏(‏أَوْ عَيَّنَ وَلَوْ عَتِيقَتَهُ‏)‏ فَقَالَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ أَوْ عَتِيقَتِي فُلَانَةَ ‏(‏فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏بِتَزَوُّجِهَا‏)‏ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ‏.‏

رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ‏}‏ وَحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا ‏{‏لَا نَذْرَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَا طَلَاقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ‏}‏ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ‏.‏

وَعَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ مَرْفُوعًا ‏{‏لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ وَلَا عِتْقَ قَبْلَ مِلْكٍ‏}‏ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّهُ لَوْ نُجِزَ الطَّلَاقُ إذَا لَمْ يَقَعْ فَكَذَا تَعْلِيقُهُ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ لِامْرَأَةٍ ‏(‏إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ‏)‏ أَيْ الْمَرْأَةُ ‏(‏أَجْنَبِيَّةٌ‏)‏ أَيْ غَيْرُ زَوْجَةٍ لَهُ فَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَامَتْ وَهِيَ زَوْجَةٌ ‏(‏لَمْ يَقَعْ‏)‏ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ قَالَ فِي الشَّرْحِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ‏(‏كَحَلِفِهِ‏)‏ بِطَلَاقٍ ‏(‏لَا فَعَلْت كَذَا‏)‏ مِنْ قِيَامٍ أَوْ دُخُولِ دَارٍ وَنَحْوِهِ ‏(‏فَلَمْ يَبْقَ لَهُ زَوْجَةٌ‏)‏ بِأَنْ بِنَّ مِنْهُ أَوْ مُتْنَ ‏(‏ثُمَّ تَزَوَّجَ‏)‏ امْرَأَةً ‏(‏أُخْرَى‏)‏ فَأَكْثَرَ ‏(‏وَفَعَلَ مَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ‏)‏ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ‏.‏

‏(‏وَيَقَعُ مَا عَلَّقَ زَوْجٌ‏)‏ مِنْ طَلَاقٍ ‏(‏بِوُجُودِ شَرْطٍ‏)‏ مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ ‏(‏لَا قَبْلَهُ‏)‏ أَيْ وُجُودِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إزَالَةُ مِلْكٍ بُنِيَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ أَشْبَهَ الْعِتْقَ ‏(‏وَلَوْ قَالَ‏)‏ مُعَلِّقٌ ‏(‏عَجَلَتَهُ‏)‏ أَيْ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ لَمْ يَتَعَجَّلْ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِالشَّرْطِ فَلَيْسَ لَهُ تَغْيِيرُهُ فَإِنْ أَرَادَ تَعْجِيلَ طَلَاقٍ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ وَقَعَ ثُمَّ إنْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهِيَ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ وَقَعَ أَيْضًا ‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ زَوْجٌ عَلَّقَهُ ‏(‏سَبَقَ لِسَانِي بِالشَّرْطِ وَلَمْ أُرِدْهُ وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏إذَنْ‏)‏ أَيْ حَالَ إيقَاعِهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِالْأَغْلَظِ عَلَيْهِ بِلَا تُهْمَةٍ‏.‏

فَصْلٌ‏:‏ ‏[‏أدوات الشرط المستعملة غالبا في الطلاق ونحوه‏]‏

وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ أَيْ الْأَلْفَاظُ الَّتِي يُؤَدِّي بِهَا مَعْنَاهُ ‏(‏الْمُسْتَعْمَلَةُ غَالِبًا فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ‏)‏ بِفَتْحِ الْعَيْنِ ‏(‏سِتٌّ‏)‏ وَهِيَ ‏(‏إنْ‏)‏ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ ‏(‏وَإِذَا وَمَتَى وَمَنْ‏)‏ بِفَتْحِ الْمِيمِ ‏(‏وَأَيُّ‏)‏ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ ‏(‏وَكُلَّمَا‏)‏ وَإِمَّا وَمَهْمَا وَمَا وَأَنَّى وَحَيْثُمَا وَلَوْ نَحْوُهَا فَلَمْ يَغْلِبْ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِمَا ‏(‏وَهِيَ‏)‏ أَيْ كُلَّمَا ‏(‏وَحْدَهَا لِلتَّكْرَارِ‏)‏ بِخِلَافِ مَتَى؛ لِأَنَّ كُلَّمَا تَعُمُّ الْأَوْقَاتِ فَهِيَ بِمَعْنَى كُلِّ وَقْتٍ فَمَعْنَى كُلَّمَا قُمْتُ قُمْتَ كُلَّ وَقْتٍ تَقُومُ فِيهِ أَقُومُ فِيهِ وَأَمَّا مَتَى فَهِيَ اسْمُ زَمَانٍ بِمَعْنَى أَيُّ وَقْتٍ وَبِمَعْنَى إذَا فَلَا تَقْتَضِي مَا لَا يَقْتَضِيَانِهِ وَاسْتِعْمَالُهَا لِلتَّكْرَارِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لَا يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَهَا فِي غَيْرِهِ كَإِذْ أَوْ أَيُّ وَقْتٍ ‏(‏وَكُلُّهَا‏)‏ أَيْ أَدَوَاتُ الشَّرْطِ السِّتِّ ‏(‏وَمَهْمَا‏)‏ وَحَيْثُمَا ‏(‏بِلَا لَمْ أَوْ‏)‏ بِلَا ‏(‏نِيَّةٍ فَوْرًا وَقَرِينَتِهِ‏)‏ أَيْ الْفَوْرِ ‏(‏لِلتَّرَاخِي‏)‏؛ لِأَنَّهَا تُخَلِّصُ الْفِعْلَ لِلِاسْتِقْبَالِ فَفِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْهُ وُجِدَ فَقَدْ حَصَلَ الْجَزَاءُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كُلُّ الْأَدَوَاتِ ‏(‏مَعَ لَمْ لِلْفَوْرِ‏)‏ إلَّا مَعَ نِيَّةِ الْفَوْرِ أَوْ قَرِينَتِهِ ‏(‏إلَّا إنْ‏)‏ فَهِيَ لِلتَّرَاخِي وَلَوْ اقْتَرَنَتْ بِلَمْ ‏(‏مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ فَوْرٍ أَوْ قَرِينَةِ‏)‏ وَأَمَّا مَعَ نِيَّةِ الْفَوْرِ أَوْ قَرِينَتِهِ فَهِيَ لَمْ فَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ ‏(‏إنْ‏)‏ قُمْت ‏(‏أَوْ إذَا‏)‏ قُمْت ‏(‏أَوْ مَتَى‏)‏ قُمْت ‏(‏أَوْ مَهْمَا‏)‏ قُمْت ‏(‏أَوْ مَنْ‏)‏ قَامَتْ مِنْكُنَّ ‏(‏أَوْ أَيَّتُكُنَّ قَامَتْ فَطَالِقٌ وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏بِقِيَامِ‏)‏ الزَّوْجَةِ أَيْ عَقِبَهُ وَإِنْ بَعُدَ الْقِيَامُ عَنْ زَمَنِ التَّعْلِيقِ إنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةَ فَوْرٍ أَوْ قَرِينَتِهِ ‏(‏وَلَا يَقَعُ‏)‏ غَيْرُ طَلْقَةٍ ‏(‏بِتَكَرُّرِهِ‏)‏ أَيْ الْقِيَامِ لِانْحِلَالِ التَّعْلِيقِ بِالْأُولَى ‏(‏إلَّا مَعَ كُلَّمَا‏)‏ فَيَقَعُ بِتَكَرُّرِهِ لِمَا سَبَقَ ‏(‏وَلَوْ قُمْنَ‏)‏ أَيْ نِسَاؤُهُ الْأَرْبَعُ ‏(‏أَوْ أَقَامَ الْأَرْبَعُ‏.‏

فِي‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏أَيَّتُكُنَّ‏)‏ قَامَتْ فَطَالِقٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ فِي قَوْلِهِ أَيَّتُكُنَّ أَقَمْتُهَا فَطَالِقٌ أَوْ قُمْنَ أَوْ أَقَامَهُنَّ فِي قَوْلِهِ ‏(‏مَنْ قَامَتْ‏)‏ مِنْكُنَّ فَطَالِقٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ فِي قَوْلِهِ مَنْ ‏(‏أَقَمْتُهَا‏)‏ مِنْكُنَّ فَطَالِقٌ أَوْ فِي قَوْلِهِ أَيَّتُكُنَّ أَقَمْتُهَا فَطَالِقٌ ‏(‏طَلُقْنَ‏)‏ كُلُّهُنَّ لِتَعْلِيقِهِ الطَّلَاقَ عَلَى فِعْلِ الْقِيَامِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَعَلَى فِعْلِ الْإِقَامَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَقَدْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِي كُلٍّ مِنْهُنَّ وَكَذَا عِتْقٌ‏.‏

‏(‏وَلَوْ قَالَ‏)‏ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ ‏(‏أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْ الْيَوْمَ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ وَلَمْ يَطَأْ‏)‏ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فِي يَوْمِهِ ‏(‏طَلُقْنَ‏)‏ كُلُّهُنَّ ‏(‏ثَلَاثًا ثَلَاثًا‏)‏؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَهَا ثَلَاثُ ضَرَائِرَ لَمْ يَطَأْنَ فَيَنَالُهَا مِنْهُنَّ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ ‏(‏فَإِنْ وَطِئَ‏)‏ فِي يَوْمِهِ ‏(‏وَاحِدَةً‏)‏ مِنْهُنَّ فَقَطْ ‏(‏فَثَلَاثٌ‏)‏ تَقَعُ بِهَا ‏(‏بِعَدَمِ وَطْءِ ضَرَائِرِهَا‏)‏ يُصِيبُهَا مِنْ كُلِّ ضَرَّةٍ لَمْ يَطَأْهَا طَلْقَةٌ ‏(‏وَهُنَّ‏)‏ أَيْ ضَرَائِرُهَا يَطْلُقْنَ ‏(‏ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ‏)‏؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ضَرَّتَيْنِ لَمْ تُطَأْ ‏(‏فَإِنْ وَطِئَ‏)‏ فِي يَوْمِهِ ‏(‏ثِنْتَيْنِ‏)‏ مِنْهُنَّ فَقَطْ ‏(‏فَثِنْتَانِ ثِنْتَانِ‏)‏ تَقَعَانِ بِالْمَوْطُوءَتَيْنِ لِعَدَمِ وَطْءِ ضَرَّتَيْهِمَا ‏(‏وَهُمَا‏)‏ أَيْ اللَّتَانِ لَمْ تُوطَأْ تَطْلُقَانِ ‏(‏وَاحِدَةً وَاحِدَةً‏)‏؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ضَرَّةً لَمْ تُوطَأْ ‏(‏وَإِنْ وَطِئَ‏)‏ مِنْهُنَّ فِي يَوْمِهِ ‏(‏ثَلَاثًا وَقَعَ بِالْمَوْطُوءَةِ فَقَطْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً‏)‏؛ لِأَنَّ لَهُنَّ ضَرَّةً لَمْ تُوطَأْ وَلَمْ يَقَعْ بِاَلَّتِي لَمْ تُوطَأْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ضَرَّةٌ لَمْ تُوطَأْ وَإِنْ وَطِئَ الْأَرْبَعُ فِي يَوْمِهِ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ ‏(‏وَإِنْ أَطْلَقَ‏)‏ بِأَنْ قَالَ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْ فَضَرَائِرُهَا طَوَالِقُ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِزَمَنٍ ‏(‏تَقَيَّدَ بِالْعُمْرِ‏)‏ لِقَرِينَةِ التَّرَاخِي وَهِيَ اسْتِحَالَةُ وَطْئِهِنَّ مَعًا كَمَا لَوْ قَالَ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْ أَبَدًا فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا قُبَيْلَ مَوْتِهِ وَإِنْ وَطِئَ بَعْضَهُنَّ فَعَلَى مَا سَبَقَ‏.‏

‏(‏وَلَوْ قَالَ‏)‏ لِامْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا ‏(‏كُلَّمَا أَكَلْت رُمَّانَةً‏)‏ أَوْ تُفَّاحَةً وَنَحْوِهَا ‏(‏فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكُلَّمَا أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ‏)‏ أَوْ نِصْفَ تُفَّاحَةٍ وَنَحْوِهَا ‏(‏فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً‏)‏ أَوْ تُفَّاحَةً وَنَحْوَهَا ‏(‏فَثَلَاثٌ‏)‏ لِوُجُودِ صِفَةِ النِّصْفِ مَرَّتَيْنِ وَوُجُودِ صِفَةِ الْكَامِلِ مَرَّةً فَتَطْلُقُ بِكُلِّ صِفَةٍ طَلْقَةً ‏(‏وَلَوْ كَانَ بَدَلَ كُلَّمَا أَدَاةٌ غَيْرُهَا‏)‏ كَإِنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَكَلْتِ رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا أَوْ مَتَى أَكَلْتِ نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً ‏(‏فَثِنْتَانِ‏)‏ طَلْقَةٌ بِصِفَةِ الْكَامِلِ وَطَلْقَةٌ بِصِفَةِ النِّصْفِ وَلَا تَطْلُقُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَدَوَاتِ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَإِنْ كَانَ نَوَى نِصْفًا مُفْرَدًا عَنْ الرُّمَّانَةِ مِنْ غَيْرِهَا وَثَمَّ قَرِينَةٌ وَقَعَ بِأَكْلِهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ‏.‏

‏(‏وَإِنْ عَلَّقَهُ‏)‏ أَيْ الطَّلَاقَ ‏(‏عَلَى صِفَاتٍ فَاجْتَمَعْنَ‏)‏ أَيْ الصِّفَاتُ ‏(‏فِي عَيْنٍ‏)‏ وَاحِدَةٍ ‏(‏كَ‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏إنْ رَأَيْتِ رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْتِ أَسْوَدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ رَأَيْتِ فَقِيهًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْ رَجُلًا أَسْوَدَ فَقِيهًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا‏)‏؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَقَدْ وُجِدَتْ أَشْبَهَ مَا لَوْ وُجِدَتْ فِي ثَلَاثَةِ أَعْيَانٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك ‏(‏فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا‏)‏ فِي الْأُولَى ‏(‏أَوْ‏)‏ مَاتَ ‏(‏أَحَدُهُمْ‏)‏ فِي الثَّانِيَةِ ‏(‏وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏إذَا بَقِيَ مِنْ حَيَاةِ الْمَيِّتِ‏)‏ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ ‏(‏مَا لَا يَتَّسِعُ لِإِيقَاعِهِ‏)‏ أَيْ الطَّلَاقِ لِفَوَاتِهِ بِالْمَوْتِ وَفِي الثَّانِيَةِ إذَا مَاتَتْ الضَّرَّةُ فَقَدْ فَاتَ الطَّلَاقُ الَّذِي تَنْحَلُّ بِهِ يَمِينُهُ وَهُوَ طَلَاقُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا دَامَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا لِإِيقَاعِهِ؛ لِأَنَّ إنْ لِلتَّرَاخِي فَلَهُ تَأْخِيرُهُ مَا دَامَ وَقْتُ الْإِمْكَانِ فَإِذَا بَقِيَ مَا لَا يَتَّسِعُ حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْهُ‏.‏

‏(‏وَلَا يَرِثُ‏)‏ مُعَلِّقٌ زَوْجَةً ‏(‏بَائِنًا‏)‏ مِنْهُ بِهَذَا التَّعْلِيقِ كَمَا لَوْ أَبَانَهَا عِنْدَ مَوْتِهَا لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ ‏(‏وَتَرِثُهُ‏)‏ هِيَ إنْ مَاتَ كَمَا لَوْ أَبَانَهَا عِنْدَ مَوْتِهِ بِلَا سُؤَالِهَا وَكَذَا إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا نَصًّا ‏(‏وَإِنْ نَوَى‏)‏ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك وَنَحْوَهُ ‏(‏وَقْتًا‏)‏ مُعَيَّنًا تَعَلَّقَ بِهِ ‏(‏أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ بِفَوْرِ تَعَلُّقٍ بِهِ‏)‏ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ الْمُعَيَّنُ فِي الْأُولَى أَوْ مَضَى مَا يُمْكِنُ إيقَاعُ طَلَاقٍ فِيهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَفْعَلْ طَلُقَتْ، وَمَنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ وَقْتًا بِلَفْظِهِ وَلَا نِيَّتِهِ فَعَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ مُطْلَقٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزَّمَانِ كُلِّهِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ دُونَ آخَرَ‏.‏

قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ السَّاعَةِ ‏{‏قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ‏}‏‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏مَتَى لَمْ‏)‏ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ إذَا لَمْ‏)‏ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ أَيُّ وَقْتٍ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ‏)‏ قَالَ لِنِسَائِهِ ‏(‏أَيَّتُكُنَّ‏)‏ لَمْ أُطَلِّقْهَا فَهِيَ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُنَّ ‏(‏مَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ إيقَاعُهُ‏)‏ أَيْ الطَّلَاقِ ‏(‏فِيهِ وَلَمْ يَفْعَلْ‏)‏ أَيْ لَمْ يُطَلِّقْهَا ‏(‏طَلُقَتْ‏)‏ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ الْفَوْرِيَّةَ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا قَرِينَةَ تَرَاخٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَضَى مَا‏)‏ أَيْ زَمَنٌ ‏(‏يُمْكِنُ إيقَاعُ ثَلَاثِ‏)‏ طَلْقَاتٍ ‏(‏مُرَتَّبَةً‏)‏ أَيْ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ ‏(‏فِيهِ‏)‏ أَيْ الزَّمَنِ الْمَاضِي ‏(‏وَلَمْ يُطَلِّقْهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا‏)‏ لِاقْتِضَاءِ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ وَمَعَ لَمْ الْفَوْرِيَّةِ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏كُلَّمَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ‏}‏ فَتَقْتَضِي تَكْرَارَ الطَّلَاقِ بِتَكْرَارِ الصِّفَةِ وَهِيَ عَدَمُ طَلَاقِهِ لَهَا ‏(‏إنْ دَخَلَ بِهَا وَإِلَّا‏)‏ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا ‏(‏بَانَتْ ب‏)‏ الطَّلْقَةِ ‏(‏الْأُولَى‏)‏ فَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا‏.‏

فَصْلٌ‏:‏ ‏[‏تعليق الطلاق بالشرط‏]‏

وَإِنْ قَالَ عَامِّيٌّ أَيْ غَيْرُ نَحْوِيٍّ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏أَنْ قُمْت بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ فَ‏)‏ هُوَ ‏(‏شَرْطٌ‏)‏ أَيْ تَعْلِيقٌ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَقُومَ ‏(‏كَنِيَّتِهِ‏)‏ أَيْ الشَّرْطِ بِأَنْ الْمَفْتُوحَةِ الْهَمْزَةِ وَلَوْ مِنْ نَحْوِيٍّ؛ لِأَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يُرِيدُ بِهِ إلَّا الشَّرْطَ وَلَا يَعْرِفُ أَنَّ مَعْنَاهُ التَّعْلِيلُ وَلَا يُرِيدُهُ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ مَا لَا يَعْرِفُهُ وَلَا يُرِيدُهُ كَمَا لَوْ نَطَقَ بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ الْعَرَبِيِّ أَعْجَمِيٌّ لَا يَعْرِفُهُ ‏(‏وَإِنْ قَالَهُ‏)‏ أَيْ أَنْ قُمْتِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ‏(‏عَارِفٌ بِمُقْتَضَاهُ‏)‏ أَيْ التَّعْلِيلِ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ إنْ كَانَ وُجِدَ‏.‏ قَالَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرْت مَا فِيهِ فِي الْحَاشِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَفْتُوحَةَ لُغَةٌ لِلتَّعْلِيلِ فَمَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ؛ لِأَنَّك قُمْتِ أَوْ لِقِيَامِكِ‏.‏

قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا‏}‏ وَقَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا‏}‏‏.‏

‏(‏أَوْ قَالَ‏)‏ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ إذْ قُمْت‏)‏ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ إذْ لِلتَّعْلِيلِ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏وَإِنْ قُمْت أَوْ‏)‏ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏وَلَوْ قُمْت طَلُقَتْ فِي الْحَالِ‏)‏؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَيْسَتْ جَوَابًا لِلشَّرْطِ فَالْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ قُمْتِ أَوْ لَا ‏(‏وَكَذَا‏)‏ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ بِقَوْلِهِ ‏(‏إنْ‏)‏ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ لَوْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ‏)‏؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا يُجَابُ بِهَا الشَّرْطُ ‏(‏فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ‏)‏ بِقَوْلِي وَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏الْجَزَاءَ‏)‏ دِينَ وَقُبِلَ حُكْمًا ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ أَرَدْتُ بِأَنْ أَوْ لَوْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَنَّ قِيَامَهَا وَطَلَاقَهَا شَرْطَانِ لِشَيْءٍ‏)‏ كَعِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ طَلَاقِ ضَرَّتِهَا أَوْ ظِهَارِهَا أَوْ نَذْرٍ ‏(‏ثُمَّ أَمْسَكْتُ‏)‏ عَنْ ذَلِكَ ‏(‏دِينَ وَقُبِلَ‏)‏ مِنْهُ ‏(‏حُكْمًا‏)‏؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا نَوَاهُ وَإِنْ صَرَّحَ بِالْجَزَاءِ فَقَالَ إنْ قُمْتِ وَأَنْتِ طَالِقٌ فَعَبْدِي حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ عَبْدُهُ حَتَّى تَقُومَ وَهِيَ طَالِقٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ هُنَا لِلْحَالِ‏.‏

كَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ‏}‏ ‏{‏لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى‏}‏‏.‏

وَكَذَا إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ طَالِقًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ دَخَلَتْ وَهِيَ طَالِقٌ طَلُقَتْ أُخْرَى وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ مَرِيضَةً أَوْ صَائِمَةً أَوْ مُحَرَّمَةً وَنَحْوَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَدْخُلَهَا كَذَلِكَ ‏(‏وَ‏)‏ قَوْلُهُ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ قُمْتِ كَ‏)‏ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏إنْ قُمْتِ‏)‏ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَقُومَ؛ لِأَنَّ لَوْ تُسْتَعْمَلُ شَرْطِيَّةً كَإِنْ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلَتْ ضَرَّتُكِ فَمَتَى دَخَلَتْ الْأُولَى‏)‏ الدَّارَ ‏(‏طَلُقَتْ‏)‏ لِوُجُودِ الصِّفَةِ دَخَلَتْ ضَرَّتُهَا أَوْ لَا و‏(‏لَا‏)‏ تَطْلُقُ ‏(‏الْأُخْرَى‏)‏ بِدُخُولِهَا الدَّارَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ طَلَاقَهَا ‏(‏بِدُخُولِهَا وَإِنْ قَالَ أَرَدْت جَعْلَ الثَّانِيَ‏)‏ أَيْ وَإِنْ دَخَلَتْ ضَرَّتُك ‏(‏شَرْطًا لِطَلَاقِهَا‏)‏ أَيْ الْأُولَى ‏(‏أَيْضًا‏)‏ بِأَنْ أَرَادَ وَإِنْ دَخَلَتْ ضَرَّتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ الْأُولَى وَالْأُخْرَى ‏(‏طَلُقَتْ‏)‏ الْأُولَى ‏(‏ثِنْتَيْنِ‏)‏ طَلْقَةً بِدُخُولِهَا وَطَلْقَةً بِدُخُولِ ضَرَّتِهَا ‏(‏وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّ دُخُولَ الثَّانِيَةِ شَرْطٌ لِطَلَاقِهَا‏)‏ أَيْ الثَّانِيَةَ بِأَنْ أَرَادَ وَإِنْ دَخَلَتْ ضَرَّتُك فَهِيَ طَالِقٌ ‏(‏فَ‏)‏ الْأَمْرُ ‏(‏عَلَى مَا أَرَادَ‏)‏ فَأَيُّهُمَا دَخَلَتْ طَلُقَتْ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ وَإِنْ دَخَلْت هَذِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ‏)‏ مَقُولٌ لَهَا ذَلِكَ ‏(‏إلَّا بِدُخُولِهِمَا‏)‏؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ دُخُولَهُمَا شَرْطٌ لِطَلَاقِهَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَوْ أَلْحَقَ شَرْطًا بِشَرْطٍ فَقَالَ ‏(‏إنْ قُمْت فَقَعَدْت‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ إنْ قُمْتِ ‏(‏ثُمَّ قَعَدْتِ‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ لِاقْتِضَاءِ الْفَاءِ وَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ ‏(‏أَوْ قَالَ‏)‏ ‏(‏إنْ قُمْتِ مَتَى قَعَدْتِ‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ‏.‏

وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ اعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ فَيُقْتَضَى تَأْخِيرُ الْمُتَقَدِّمِ وَتَقْدِيمُ الْمُتَأَخِّرِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْفَاءِ أَيْ إنْ قُمْتِ فَمَتَى قَعَدْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏إنْ قَعَدْتِ إذَا قُمْتِ أَوْ‏)‏ قَالَ إنْ قَعَدْتِ ‏(‏مَتَى قُمْتِ‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ إنْ قَعَدْتِ إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ‏)‏ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ مِنْ اعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ عَكَسَ ذَلِكَ‏)‏ فَقَالَ إنْ قَعَدْتِ فَقُمْتِ أَوْ إنْ قَعَدْتِ ثُمَّ قُمْتِ أَوْ إنْ قَعَدْتِ فَمَتَى قُمْتِ أَوْ إنْ قُمْتِ إذَا قَعَدْتِ أَوْ إنْ قُمْتِ مَتَى قَعَدْتِ أَوْ إنْ قُمْتِ إنْ قَعَدْتِ ‏(‏لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقْعُدَ ثُمَّ تَقُومَ‏)‏؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقُعُودَ شَرْطًا لِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْقِيَامِ وَالشَّرْطُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمَشْرُوطَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت وَقَعَدْتِ أَوْ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏لَا قُمْت وَقَعَدْتِ تَطْلُقُ بِوُجُودِهِمَا‏)‏ أَيْ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ ‏(‏كَيْفَمَا كَانَ‏)‏ أَيْ سَوَاءٌ سَبَقَ الْقِيَامُ الْقُعُودَ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا وَلَا تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ فَلَا تَطْلُقُ قَبْلَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ قَالَ إنْ قُمْتِ أَوْ قَعَدْتِ تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ أَوْ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏إنْ قُمْت وَإِنْ قَعَدْت‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏لَا قُمْتِ وَلَا قَعَدْتِ تَطْلُقُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا‏)‏؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ تَعْلِيقُ الْجَزَاءِ عَلَى أَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَوْ قَالَ ‏(‏إنْ أَعْطَيْتُك إنْ وَعَدْتُك إنْ سَأَلْتِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَسْأَلَهُ ثُمَّ يَعِدُهَا ثُمَّ يُعْطِيَهَا‏)‏؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الثَّانِيَ شَرْطًا فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَهَكَذَا وَالشَّرْطُ يَتَقَدَّمُ الْمَشْرُوطَ‏.‏

قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَغْوِيَكُمْ‏}‏ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ سَأَلْتِينِي فَوَعَدْتُك فَأَعْطَيْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ أَدَاةُ الشَّرْطِ إذَا أَوْ لَنْ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏كُلَّمَا أَجْنَبْتُ فَإِنْ اغْتَسَلْتُ مِنْ حَمَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَجْنَبَ ثَلَاثًا‏)‏ مِنْ الْمَرَّاتِ ‏(‏وَاغْتَسَلَ مَرَّةً فِيهِ‏)‏ أَيْ الْحَمَّامِ ‏(‏فَطَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ‏)‏؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ عَلَى أَمْرَيْنِ وَمَجْمُوعُهُمَا لَمْ يُوجَدْ سِوَى مَرَّةٍ ‏(‏وَيَقَعُ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏ثَلَاثًا مَعَ فِعْلٍ لَمْ يَتَرَدَّدْ مَعَ كُلِّ جَنَابَةٍ كَمَوْتِ زَيْدٍ وَقُدُومِهِ‏)‏ وَدُخُولِ الدَّارِ وَقُدُوم الْحَاجِّ فَلَوْ قَالَ كُلَّمَا أَجْنَبْت وَمَاتَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَجْنَبَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَكَذَا نَظَائِرُهُ لِقَرِينَةِ الْحَالِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ تَكْرِيرِ التَّالِي‏.‏

‏(‏وَإِنْ أَسْقَطَ‏)‏ مُعَلِّقٌ ‏(‏الْفَاءَ مِنْ جَزَاءِ مُتَأَخِّرٍ‏)‏ فَقَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فَ‏)‏ هُوَ ‏(‏كَبَقَائِهَا‏)‏ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَهَا لِإِتْيَانِهِ بِحَرْفِ الشَّرْطِ فَدَلَّ عَلَى إرَادَةِ التَّعْلِيقِ وَتَقْدِيمِ الْفَاءِ‏.‏

كَقَوْلِهِ‏:‏ مَنْ يَعْمَلْ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَذْفُ الْفَاءِ عَلَى نِيَّةِ التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَمَهْمَا أَمْكَنَ تَصْحِيحُ كَلَامِ الْعَاقِلِ وَصَوْنِهِ عَنْ الْفَسَادِ وَجَبَ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْإِيقَاعَ فِي الْحَالِ وَقَعَ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْأَغْلَظِ‏.‏

فَصْلٌ‏:‏ فِي تَعْلِيقِهِ أَيْ‏:‏ الطَّلَاقِ بِالْحَيْضِ وَالطُّهْرِ

‏(‏إذَا قَالَ‏)‏ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إذَا حِضْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَقَعُ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏بِأَوَّلِهِ‏)‏ أَيْ الْحَيْضِ ‏(‏إنْ تَبَيَّنَ‏)‏ كَوْنُ الدَّمِ ‏(‏حَيْضًا‏)‏ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَلِذَلِكَ حُكِمَ بِأَنَّهُ حَيْضٌ فِي مَنْعِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَتَبَيَّنُ حَيْضًا بِأَنْ نَقَصَ عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ ‏(‏لَمْ يَقَعْ‏)‏ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تُوجَدْ وَكَذَا لَوْ رَأَتْ دَمًا قَبْلَ تَمَامِ تِسْعِ سِنِينَ أَوْ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ آيِسَةٌ‏.‏

‏(‏وَيَقَعُ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏فِي‏)‏ مَا إذَا قَالَ ‏(‏إذَا حِضْت حَيْضَةً‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏بِانْقِطَاعِهِ‏)‏ أَيْ دَمِ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ بَعْدَ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ الْحَيْضِ وَهِيَ الْحَيْضَةُ الْكَامِلَةُ‏.‏

قَالَ فِي الْمُبْدِعِ‏:‏ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ سُنِّيًّا ‏(‏وَلَا يُعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ عُلِّقَ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏فِيهَا‏)‏ بَلْ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْحَيْضَةِ وَانْتِهَاؤُهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْحَيْضَةُ الْكَامِلَةُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏كُلَّمَا حِضْت‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ إذَا شَرَعَتْ فِي الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَلَمْ تُحْسَبْ مِنْ عِدَّتِهَا ثُمَّ تَطْلُقُ ثَانِيَةً إذَا شَرَعَتْ فِي الثَّانِيَةِ‏.‏

وَكَذَا تَطْلُقُ الثَّالِثَةُ إذَا شَرَعَتْ فِيهَا وَيُحْسَبَانِ مِنْ عِدَّتِهَا ‏(‏أَوْ زَادَ حَيْضَةً‏)‏ بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ طَلُقَتْ ثُمَّ إذَا طَهُرَتْ مِنْ الثَّانِيَةِ طَلُقَتْ أُخْرَى، ثُمَّ إذَا طَهُرَتْ مِنْ الثَّالِثَةِ فَكَذَلِكَ‏.‏

وَتُحْسَبُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مِنْ عِدَّتِهَا فَ ‏(‏تَفْرُغُ عِدَّتُهَا بِآخِرِ حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ‏)‏؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ إذَا طَلُقَتْ بَنَتْ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ كَمَا يَأْتِي ‏(‏وَطَلَاقُهُ‏)‏ أَيْ الْقَائِلِ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فِي‏)‏ حَيْضَةٍ ‏(‏ثَانِيَةٍ‏)‏ وَثَالِثَةٍ ‏(‏غَيْرُ بِدْعِيٍّ‏)‏؛ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِي تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا تُحْسَبُ مِنْهَا بِخِلَافِهِ فِي الْأُولَى إذْ لَا تُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ‏:‏ كُلَّمَا حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكُلُّ طَلَاقِهِ غَيْرُ بِدْعِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِذَا مَضَتْ حَيْضَةٌ‏)‏ مُسْتَقِرَّةٌ ‏(‏تَبَيَّنَّا وُقُوعَهُ لِنِصْفِهَا‏)‏ أَيْ عِنْدَ نِصْفِ حَيْضَتِهَا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالنِّصْفِ ولَا يُعْرَفُ إلَّا بِوُجُودِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ الْحَيْضِ قَدْ تَطُولُ وَقَدْ تَقْصُرُ وَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا بِمُضِيِّ نِصْفِ عَادَتِهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ حَيْضَهَا عَلَى السَّوَاءِ وَالْأَحْكَامُ تُعَلَّقُ بِالْعَادَةِ‏.‏

‏(‏وَمَتَى ادَّعَتْ‏)‏ مَنْ عُلِّقَ طَلَاقُهَا بِحَيْضِهَا ‏(‏حَيْضًا فَأَنْكَرَ‏)‏ زَوْجُهَا حَيْضَهَا ‏(‏فَقَوْلُهَا‏)‏ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ عَلَى نَفْسِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ‏}‏ قِيلَ هُوَ الْحَيْضُ وَالْحَمْلُ، وَلَوْلَا قَبُولُ قَوْلِهَا فِيهِ لَمَا حَرُمَ عَلَيْهَا كَتْمُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ مَعَ عَدَمِ الْقَبُولِ‏.‏

كَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ‏}‏ لَمَّا حَرَّمَ كِتْمَانِهَا دَلَّ عَلَى قَبُولِهَا‏.‏

وَلِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا ‏(‏كَ‏)‏ قَوْلِ زَوْجِهَا ‏(‏إنْ أَضْمَرْت بُغْضِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَادَّعَتْهُ‏)‏ أَيْ إضْمَارَ بُغْضِهِ وَأَنْكَرَ هُوَ فَقَوْلُهَا وَتَطْلُقُ‏؟‏ نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا‏.‏

وَ‏(‏لَا‏)‏ يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَى زَوْجٍ ‏(‏فِي وِلَادَةٍ‏)‏ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَيْهَا وَأَنْكَرَهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْرَفُ مِنْ غَيْرِهَا ‏(‏إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالْحَمْلِ‏)‏ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ رُجِّحَ قَوْلُهَا ‏(‏وَلَا‏)‏ يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَيْهِ ‏(‏فِي قِيَامٍ وَنَحْوِهِ‏)‏ كَقِيَامِ زَيْدٍ وَكَلَامِهِ وَدُخُولِ دَارٍ وَنَظَائِرِهِ‏.‏

فَإِذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَهَا فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ ‏(‏وَلَوْ أَقَرَّ‏)‏ زَوْجٌ ‏(‏بِهِ‏)‏ أَيْ بِمَا عَلَّقَ عَلَيْهِ طَلَاقَهَا ‏(‏طَلُقَتْ وَلَوْ أَنْكَرَتْهُ‏)‏ الزَّوْجَةُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا لَوْ قَالَ طَلَّقْتهَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إذَا طَهُرْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ حَائِضٌ‏)‏ عِنْدَ التَّعْلِيقِ ‏(‏فَإِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ‏)‏ طَلُقَتْ نَصًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ‏}‏ أَيْ يَنْقَطِعُ دَمُهُنَّ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الطَّاهِرَاتِ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَصِحَّةِ الطَّهَارَةِ‏.‏

وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَائِضًا فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ طَاهِرًا إذْ لَا وَاسِطَةَ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ تَكُنْ حَائِضًا حِينَ التَّعْلِيقِ ‏(‏فَإِذَا طَهُرَتْ‏)‏ أَيْ انْقَطَعَ دَمُهَا ‏(‏مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ‏)‏ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ تَقْتَضِي فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا وَلَا يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ إلَّا ذَلِكَ فَتَعَلَّقَتْ الصِّفَةُ بِهِ لَكِنْ لَوْ حَصَلَ النَّقَاءُ فِي أَثْنَاءِ الْحَيْضَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ فَهَلْ تَطْلُقُ‏؟‏ نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ طُهْرٌ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ لَا لِلْعُرْفِ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ حِضْت فَأَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقَتَانِ فَقَالَتْ‏:‏ حِضْت فَكَذَّبَهَا طَلُقَتْ وَحْدُهَا‏)‏ أَيْ دُونَ ضَرَّتِهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا مَقْبُولٌ عَلَى نَفْسِهَا دُونَ ضَرَّتِهَا، فَإِنْ أَقَامَتْ بِحَيْضِهَا بَيِّنَةً طَلُقَتَا وَإِنْ أَقَرَّ بِحَيْضِهَا طَلُقَتَا أَيْضًا وَلَوْ أَكْذَبَتَاهُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ ‏(‏إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَادَّعَتَاهُ‏)‏ أَيْ ادَّعَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهَا حَاضَتْ ‏(‏فَصَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا‏)‏ لِإِقْرَارِهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى نَفْسِهِ ‏(‏وَإِنْ أَكْذَبَهُمَا لَمْ تَطْلُقْ‏)‏ أَيْ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ طَلَاقَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِحَيْضِهَا وَحَيْضِ ضَرَّتِهَا‏.‏

وَإِقْرَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى ضَرَّتِهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ ‏(‏وَإِنْ أَكْذَبَ إحْدَاهُمَا طَلُقَتْ وَحْدَهَا‏)‏؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا فِي حَقِّهَا مَقْبُولٌ وَالزَّوْجُ صَدَّقَ ضَرَّتَهَا فَقَدْ وَجَدَ الْحَيْضَ مِنْهُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَلَمْ تَطْلُقْ الْمُصَدِّقَةُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ ضَرَّتِهَا غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي حَقِّهَا وَلَمْ يُصَدِّقْهَا الزَّوْجُ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَهُ لِأَرْبَعٍ‏)‏ أَيْ قَالَ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ‏:‏ إنْ حِضْتُنَّ فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ ‏(‏فَادَّعَيْنَهُ‏)‏ أَيْ ادَّعَى الْأَرْبَعُ الْحَيْضَ ‏(‏وَصَدَّقَهُنَّ‏)‏ الزَّوْجُ ‏(‏طَلُقْنَ‏)‏ كُلُّهُنَّ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ حَيْضُ الْأَرْبَعِ حَيْثُ صَدَّقَهُنَّ عَلَيْهِ ‏(‏وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا‏)‏ مِنْهُنَّ ‏(‏طَلُقَتْ الْمُكَذَّبَةُ‏)‏ وَحْدَهَا لِقَبُولِ قَوْلِهَا فِي حَيْضِهَا، وَقَدْ صَدَّقَ الزَّوْجُ صَوَاحِبَهَا فَقَدْ وَجَدَ حَيْضَ الْأَرْبَعِ فِي حَقِّهَا بِخِلَافِ الْمُصَدَّقَاتِ‏.‏

فَإِنَّ قَوْلَ الْمُكَذَّبَةِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَيْهِنَّ‏.‏

فَإِنْ صَدَّقَ دُونَ ثَلَاثٍ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُكَذَّبَةِ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي حَقِّ غَيْرِهَا‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ ‏(‏كُلَّمَا حَاضَتْ إحْدَاكُنَّ‏)‏ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُنَّ ‏(‏أَيَّتُكُنَّ حَاضَتْ مِنْكُنَّ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ فَادَّعَيْنَهُ‏)‏ أَيْ ادَّعَتْ كُلٌّ مِنْهُنَّ الْحَيْضَ ‏(‏وَصَدَّقَهُنَّ طَلُقْنَ كَامِلًا‏)‏ أَيْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ لَهَا ثَلَاثُ ضَرَائِرَ فَيَأْتِيهَا مِنْ كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ ‏(‏وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً‏)‏ مِنْهُنَّ وَكَذَّبَ ثَلَاثًا ‏(‏لَمْ تَطْلُقْ‏)‏ الْمُصَدَّقَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ ضَرَائِرِهَا عَلَيْهَا ‏(‏وَطَلَّقَ ضَرَائِرَهَا طَلْقَةً طَلْقَةً‏)‏ مِنْ ضَرَّتِهِنَّ الْمُصَدَّقَةِ لِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِتَصْدِيقِهَا ‏(‏وَإِنْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ‏)‏ مِنْهُنَّ ‏(‏طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً‏)‏؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ضَرَّةً مُصَدَّقَةً‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ طَلُقَتْ ‏(‏الْمُكَذَّبَتَانِ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ‏)‏؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ضَرَّتَيْنِ مُصَدَّقَتَيْنِ ‏(‏وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا‏)‏ مِنْ الْأَرْبَعِ ‏(‏طَلُقْنَ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ‏)‏؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ضَرَّتَيْنِ مُصَدَّقَتَيْنِ ‏(‏وَ‏)‏ طَلُقَتْ ‏(‏الْمُكَذَّبَةُ ثَلَاثًا‏)‏؛ لِأَنَّ لَهَا ثَلَاثَ ضَرَائِرَ مُصَدَّقَاتٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ ‏(‏إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً‏)‏ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ ‏(‏طَلُقَتَا بِشُرُوعِهِمَا فِي حَيْضَتَيْنِ‏)‏؛ لِأَنَّ وُجُودَ حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُحَالٌ فَيَلْغُو قَوْلُ حَيْضَةٍ، وَكَأَنَّهُ قَالَ‏:‏ إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ‏.‏

وَفِيهِ أَوْجُهٌ أُخَرُ أَحَدُهَا‏:‏ لَا يُطَلَّقَانِ إلَّا بِحَيْضَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ الْوَاحِدَةَ مِنْهُمَا لَا يُمْكِنُ وُجُودُهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ‏:‏ إنْ حِضْتُمَا- كُلُّ وَاحِدَةٍ حَيْضَةً- فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، وَالثَّانِي تَطْلُقَانِ بِحَيْضَةٍ مِنْ إحْدَاهُمَا عَلَى حَدٍّ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ‏.‏

الثَّالِثُ‏:‏ لَا تَنْعَقِدُ فَلَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَلَوْ حَاضَتَا؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ فَلَا يَقَعُ كَإِنْ صَعَدْتُمَا السَّمَاءَ‏.‏

فصل‏:‏ في تعليقه أي‏:‏ الطلاق بالحمل والولادة

إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَانَتْ حَامِلًا زَمَنَ حَلِفِهِ وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏مِنْهُ‏)‏ أَيْ زَمَنِ الْحَلِفِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا بِأَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَلِفِهِ وَيَعِيشَ أَوْ لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ تُوطَأْ بَعْدَ حَلِفِهِ وَإِلَّا يَتَبَيَّنُ كَوْنُهَا حَامِلًا حِينَ حَلِفِهِ بِأَنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ حَلِفِهِ لَمْ تَطْلُقْ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ ‏(‏أَوْ وَطِئَ بَعْدَهُ‏)‏ أَيْ الْحَلِفِ ‏(‏وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ أَوَّلِ وَطْئِهِ لَمْ تَطْلُقْ‏)‏ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ الْحَلِفِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فَبِالْعَكْسِ‏)‏ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِذَا وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَلِفِهِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ طَلُقَتْ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا‏.‏

وَكَذَا إنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ بَعْدَ الْحَلِفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَمْلِ حِينِهِ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ، وَالْآخَرُ لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ ‏(‏وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا‏)‏ أَيْ وَطْءُ زَوْجَةٍ إنْ قَالَ لَهَا‏:‏ إنْ كُنْت حَامِلًا لِاحْتِمَالِ وَإِنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏قَبْلَ اسْتِبْرَاءٍ فِيهِمَا‏)‏ أَيْ صُورَةِ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ وَقَعَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا ‏(‏قَبْلَ زَوَالِ رِيبَةٍ‏)‏ كَانْتِفَاخِ بَطْنٍ وَحَرَكَتِهِ ‏(‏أَوْ ظُهُورِ حَمْلٍ فِي‏)‏ الصُّورَةِ ‏(‏الثَّانِيَةِ‏)‏ وَهِيَ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَحْمِلَ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ الْحَلِفِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ وَقَدْ كَانَ وَقَعَ فَيَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى إبَاحَةِ الْمُحَرَّمِ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَيُحَرَّمُ قَبْلَ زَوَالِ رِيبَةٍ وَبَعْدَ ظُهُورِ حَمْلٍ ‏(‏إنْ كَانَ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏بَائِنًا‏)‏ نَصًّا وَإِلَّا‏.‏

جَازَ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الرَّجْعِيَّةِ مُبَاحٌ وَيَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ ‏(‏وَيَحْصُلُ‏)‏ اسْتِبْرَاءٌ ‏(‏بِحَيْضَةٍ مَوْجُودَةٍ أَوْ مُسْتَقْبَلَةٍ أَوْ مَاضِيَةٍ لَمْ يَطَأْ‏)‏ بَعْدَهَا أَيْ الْمَاضِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا‏.‏

قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ فَإِنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا أُرِيَتْ النِّسَاءَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ خَفِيَ عَلَيْهِنَّ انْتَظَرَ عَلَيْهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ غَالِبَ مُدَّةِ الْحَمْلِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ‏)‏ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ إذَا‏)‏ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ مَتَى حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَحْوَهُ ‏(‏لَمْ يَقَعْ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏إلَّا بِ‏)‏ حَمْلٍ ‏(‏مُتَجَدِّدٍ‏)‏ بِخِلَافِ الْحَمْلِ الْمَوْجُودِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى وُجُودِ أَمْرٍ فِي زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ‏.‏

فَلَا تَطْلُقُ قَبْلَهُ ‏(‏وَلَا يَطَؤُهَا إنْ كَانَ وَطِئَ فِي طُهْرٍ حَلِفَهُ قَبْلَ حَيْضٍ‏)‏ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حَمَلْت ‏(‏وَلَا‏)‏ يَطَؤُهَا ‏(‏أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ كُلَّ طُهْرٍ‏)‏ لِجَوَازِ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا ‏(‏وَ‏)‏ إنْ‏.‏

قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏طَلْقَةً وَ‏)‏ إنْ كُنْت حَامِلًا ‏(‏بِأُنْثَى فَ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏ثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرَيْنِ‏)‏ فَأَكْثَرَ ‏(‏فَطَلْقَةٌ‏)‏؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الطَّلْقَةَ مَعَ وَصْفِ حَمْلِهَا بِالذُّكُورَةِ وَالطَّلْقَتَيْنِ مَعَ وَصْفِهِ بِالْأُنُوثَةِ وَلَمْ تُوجَدْ الْأُنُوثَةُ فَلَمْ تَطْلُقْ أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ ‏(‏وَ‏)‏ إنْ وَلَدَتْ ‏(‏أُنْثَى‏)‏ فَأَكْثَرَ ‏(‏مَعَ ذَكَرٍ فَأَكْثَرَ فَثَلَاثُ‏)‏ طَلْقَاتٍ تَقَعُ ثِنْتَانِ بِالْأُنْثَى فَأَكْثَرَ وَوَاحِدَةٌ بِالذَّكَرِ فَأَكْثَرَ لِوُجُودِ شَرْطِ التَّعْلِيقَيْنِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ لَهَا ‏(‏إنْ كَانَ حَمْلُك‏)‏ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا لَمْ تَطْلُقْ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك‏)‏ ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ ‏(‏فَوَلَدَتْهُمَا‏)‏ أَيْ ذَكَرًا وَأُنْثَى ‏(‏لَمْ تَطْلُقْ‏)‏؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى خَبَرًا عَنْ الْحَمْلِ أَوْ مَا فِي الْبَطْنِ فَيَقْتَضِي حَصْرُهُ فِي أَحَدِهِمَا، وَلَمْ يَتَمَحَّضْ الْحَمْلُ ذَكَرًا وَلَا أُنْثَى فَلَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ‏.‏

‏(‏وَلَوْ أَسْقَطَ مَا‏)‏ فِي الْمِثَالِ الْأَخِيرِ بِأَنْ قَالَ‏:‏ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك ذَكَرٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِك أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى ‏(‏طَلُقَتْ ثَلَاثًا‏)‏ وَاحِدَةً بِالذَّكَرِ وَاثْنَتَيْنِ بِالْأُنْثَى ‏(‏وَمَا عُلِّقَ‏)‏ مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَغَيْرِهِمَا ‏(‏عَلَى وِلَادَةٍ يَقَعُ بِإِلْقَاءِ مَا تَصِيرُ بِهِ أَمَةٌ أُمَّ وَلَدٍ‏)‏ وَهُوَ مَا تَبَيَّنَ فِيهِ بَعْضُ خَلْقِ إنْسَانٍ وَلَوْ خَفِيًّا؛ لِأَنَّهَا وَلَدَتْ مَا يُسَمَّى وَلَدًا لَا بِإِلْقَاءِ عَلَقَةٍ وَمُضْغَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى وَلَدًا، وَيَجُوزُ أَنْ لَا تَكُونَ مَبْدَأَ خَلْقِ إنْسَانٍ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالشَّكِّ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏طَلْقَةً وَ‏)‏ إنْ وَلَدْت ‏(‏أُنْثَى فَ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏ثِنْتَيْنِ‏)‏ فَوَلَدَتْهُمَا ‏(‏فَثَلَاثٌ بِمَعِيَّةٍ‏)‏ أَيْ بِوِلَادَتِهَا لَهُمَا مَعًا ‏(‏بِحَيْثُ لَا يَسْبِقُ أَحَدَهُمَا‏)‏ الْآخَرَ طَلْقَةٌ بِالذَّكَرِ وَاثْنَتَانِ بِالْأُنْثَى وَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إذَنْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ ‏(‏وَإِنْ سَبَقَ أَحَدَهُمَا‏)‏ أَيْ الْوَلَدَيْنِ الْآخَرَ ‏(‏بِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَعَ مَا عُلِّقَ بِهِ‏)‏ أَيْ السَّابِقُ‏.‏

فَإِنْ سَبَقَ الذَّكَرُ فَطَلْقَةٌ، وَإِنْ سَبَقَتْ الْأُنْثَى فَطَلْقَتَانِ ‏(‏وَبَانَتْ بِ‏)‏ الْوَلَدِ ‏(‏الثَّانِي‏)‏ مِنْهُمَا لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِهِ إنْ لَمْ يَرْتَجِعْهَا قَبْلَهُ ‏(‏وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ‏)‏ أَيْ الثَّانِي لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ، فَلَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ كَإِنْ مِتُّ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏وَكَ‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك‏)‏ لِوُجُوبِ تَعَقُّبِ الْوُقُوعِ الصِّفَةَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ‏(‏بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَقَدْ وَطِئَ بَيْنَهُمَا‏)‏ أَيْ الْوَضْعَيْنِ ‏(‏فَثَلَاثُ‏)‏ طَلْقَاتٍ تَقَع لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ بِالْوَطْءِ بَيْنَهُمَا، فَالثَّانِي حَمْلٌ مُسْتَأْنَفٌ إذْ لَا يُمْكِنُ ادِّعَاءُ أَنْ تَحْمِلَ بِوَلَدٍ بَعْدَ وَلَدٍ ‏(‏وَمَتَى أَشْكَلَ سَابِقٌ‏)‏ مِنْ وَلَدَيْنِ مُتَعَاقِبَيْنِ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَلَمْ يَدْرِ أَسَبَقَ الذَّكَرُ فَتَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ وَتَبِينُ بِالْأُنْثَى، أَوْ سَبَقَتْ الْأُنْثَى فَتَطْلُقُ ثِنْتَيْنِ وَتَبِينُ بِالذَّكَرِ ‏(‏فَطَلْقَةٌ‏)‏ تَقَعُ ‏(‏بِيَقِينٍ وَيَلْغُو مَا زَادَ ‏(‏لِلشَّكِّ فِي الثَّانِيَةِ وَالْوَرَعُ أَنْ يَلْتَزِمَهَا لِاحْتِمَالِ مَا سَبَقَ الْأُنْثَى، فَإِنْ وَلَدَتْ خُنْثَى فَقِيَاسُهُ يَقَعُ الْأَقَلُّ وَمَا زَادَ لِلشَّكِّ فِيهِ وَالْوَرَعُ الْتِزَامُهُ ‏(‏وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ تَلِدُهُ‏)‏ مِنْهُمَا ‏(‏حَيًّا أَوْ مَيِّتًا‏)‏؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ وِلَادَتُهُ، وَقَدْ وُجِدَتْ‏.‏

وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِهِ وَتَصِيرُ الْأَمَةُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ وَلَدْت ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ حَيَّيْنِ أَوْ مَيِّتَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا حِنْثَ بِ‏)‏ وِلَادَةِ ‏(‏ذَكَرٍ وَأُنْثَى أَحَدُهُمَا فَقَطْ حَيٌّ‏)‏؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تُوجَدْ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏كُلَّمَا وَلَدْت‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ زَادَ وَلَدًا‏)‏ بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا ‏(‏فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةَ‏)‏ أَوْلَادٍ ‏(‏مَعًا‏)‏ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمْ غَيْرَهُ ‏(‏فَثَلَاثُ‏)‏ طَلْقَاتٍ لِتَعَدُّدِ الْوِلَادَةِ بِتَعَدُّدِ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ مَوْلُودٌ فَيَقَعُ بِكُلِّ وِلَادَةٍ طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةً ‏(‏مُتَعَاقِبِينَ‏)‏ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ ‏(‏طَلُقَتْ بِأَوَّلٍ‏)‏ طَلْقَةً ‏(‏وَبِثَانٍ‏)‏ طَلْقَةً ‏(‏وَبَانَتْ بِثَالِثٍ‏)‏ وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِوَضْعِهِ ‏(‏وَإِنْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ‏)‏ مُتَعَاقِبَيْنِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كَأَنْ ‏(‏زَادَ لِلسُّنَّةِ‏)‏ بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ ‏(‏فَطَلْقَةٌ بِطُهْرٍ‏)‏ مِنْ نِفَاسِهَا ‏(‏ثُمَّ‏)‏ طَلْقَةٌ ‏(‏أُخْرَى بَعْدَ طُهْرٍ مِنْ حَيْضَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ‏)‏؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ طَلَاقُ السُّنَّةِ كَمَا سَبَقَ‏.‏

فصل‏:‏ في تعليقه أَيْ‏:‏ الطَّلَاقِ بِالطَّلَاقِ

‏(‏إذَا قَالَ‏)‏ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ أَوْقَعَهُ‏)‏ أَيْ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا ‏(‏بَائِنًا‏)‏ بِأَنْ كَانَ عَلَى عِوَضٍ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا ‏(‏لَمْ يَقَعْ مَا عُلِّقَ‏)‏ مِنْ طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ عِصْمَةً ‏(‏كَ‏)‏ مَا لَا يَقَعُ طَلَاقٌ ‏(‏مُعَلَّقٌ عَلَى خُلْعٍ‏)‏ لِوُجُوبِ تَعَقُّبِ الصِّفَةِ الْمَوْصُوفَ وَالْبَائِنُ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ ‏(‏وَإِنْ أَوْقَعَهُ‏)‏ أَيْ‏:‏ الطَّلَاقَ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ فِيهِ ‏(‏رَجْعِيًّا‏)‏ وَقَعَ ثِنْتَانِ طَلْقَةٌ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْأُخْرَى بِالصِّفَةِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ تَطْلِيقَهَا شَرْطًا لِطَلَاقِهَا وَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ‏.‏

‏(‏أَوْ عَلَّقَهُ‏)‏ أَيْ الطَّلَاقَ ‏(‏بِقِيَامِهَا ثُمَّ بِوُقُوعِ طَلَاقِهَا‏)‏ بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا‏:‏ إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فَقَامَتْ‏)‏ رَجْعِيَّةٌ ‏(‏وَقَعَ ثِنْتَانِ‏)‏ طَلْقَةٌ بِقِيَامِهَا، وَطَلْقَةٌ بِوُقُوعِ طَلَاقِهِ عَلَيْهَا بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ قِيَامُهَا‏.‏

‏(‏وَإِنْ عَلَّقَهُ‏)‏ أَيْ الطَّلَاقَ ‏(‏بِقِيَامِهَا ثُمَّ بِطَلَاقِهِ لَهَا‏)‏ بِأَنْ قَالَ‏:‏ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا‏:‏ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ‏.‏

فَقَامَتْ فَوَاحِدَةٌ بِقِيَامِهَا، وَلَا تَطْلُقُ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا ‏(‏أَوْ‏)‏ عَلَّقَهُ بِقِيَامِهَا ثُمَّ ‏(‏بِإِيقَاعِهِ‏)‏ بِأَنْ قَالَ لَهَا‏:‏ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا‏:‏ إنْ أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فَقَامَتْ‏.‏

فَوَاحِدَةٌ‏)‏ بِقِيَامِهَا وَلَا تَطْلُقُ بِتَعْلِيقِ الْإِيقَاعِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ لَمْ يُوجَدْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ عَلَيْهَا طَلَاقًا بَعْدَ التَّعْلِيقِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ عَلَّقَهُ‏)‏ أَيْ الطَّلَاقَ ‏(‏بِطَلَاقِهَا ثُمَّ بِقِيَامِهَا‏)‏ بِأَنْ قَالَ لَهَا‏:‏ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ‏:‏ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فَقَامَتْ‏.‏

فَثِنْتَانِ‏)‏ وَاحِدَةٌ بِقِيَامِهَا وَأُخْرَى بِتَطْلِيقِهَا الْحَاصِلِ بِالْقِيَامِ؛ لِأَنَّ طَلَاقَهَا بِوُجُودِ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ لَهَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ‏)‏ لَهَا ‏(‏إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ نَجَّزَهُ‏)‏ أَيْ طَلَاقَهَا ‏(‏رَجْعِيًّا‏)‏ بِأَنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فَطَلَّقَهَا دُونَ مَا يَمْلِكُهُ بِلَا عِوَضٍ ‏(‏فَثَلَاثٌ‏)‏ وَاحِدَة بِالْمُنَجَّزِ وَاثْنَتَانِ بِالتَّطْلِيقِ وَالْوُقُوعِ ‏(‏فَلَوْ قَالَ أَرَدْت‏)‏ بِقَوْلِي إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏إذَا طَلَّقْتُك طَلُقْتِ‏)‏ بِمَا أَوْقَعَتْهُ عَلَيْك ‏(‏وَلَمْ أُرِدْ عَقْدَ صِفَةٍ دِينَ‏)‏؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ ‏(‏وَلَا يُقْبَلُ‏)‏ مِنْهُ ‏(‏حُكْمًا‏)‏؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِمَدْخُولٍ بِهَا ‏(‏كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ‏.‏

فَثِنْتَانِ‏)‏ طَلْقَةٌ بِالْمُنَجَّزِ، وَأُخْرَى بِالتَّعْلِيقِ وَلَا تَطْلُقُ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ التَّطْلِيقَ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مَرَّةً‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ وَقَعَ‏)‏ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ ‏(‏بِمُبَاشَرَةٍ‏)‏ بِأَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ سَبَبٍ‏)‏‏.‏

بِأَنْ عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ فَوُجِدَ سَوَاءٌ كَانَ تَعْلِيقُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَهَا ذَلِكَ أَوْ قَبْلَهُ ‏(‏فَثَلَاثٌ‏)‏؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ طَلْقَةٌ وَقَعَتْ عَلَيْهَا فَتَطْلُقُ بِهَا الثَّالِثَةَ ‏(‏إنْ وَقَعَتْ‏)‏ الطَّلْقَةُ ‏(‏الْأُولَى وَ‏)‏ الطَّلْقَةُ ‏(‏الثَّانِيَة رَجْعِيَّتَيْنِ‏)‏؛ لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ‏.‏

‏(‏وَمَنْ عَلَّقَ‏)‏ الطَّلَاقَ ‏(‏الثَّلَاثَ بِتَطْلِيقٍ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ‏)‏ كَأَنْ قَالَ‏:‏ إنْ طَلَّقْتُكِ طَلَاقًا لَا أَمْلِكُ فِيهِ رَجْعَتَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ‏(‏ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً‏)‏ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا ‏(‏وَقَعَ الثَّلَاثُ‏)‏؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الرَّجْعَةِ هُنَا لِعَجْزِهِ عَنْهَا لَا لِعَدَمِ مِلْكِهَا‏.‏

‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهَا ‏(‏كُلَّمَا‏)‏ وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا أَوْ ‏(‏إنْ وَقَعَ عَلَيْكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ‏)‏ لَهَا ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ فَثَلَاثٌ طَلْقَةٌ‏)‏ مِنْهَا ‏(‏بِالْمُنَجَّزِ وَتَتِمَّتُهَا مِنْ الْمُعَلَّقِ وَيَلْغُو قَوْلُهُ قَبْلَهُ‏)‏ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ زَوْجٍ مُخْتَارٍ فِي مَحَلِّ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ كَمَا لَوْ لَمْ تُعْقَدْ هَذِهِ الصِّفَةُ وَلِعُمُومِ النُّصُوصِ وَكَوْنِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ قَبْلَهُ مُحَالٌ لَا يَصِحُّ الْوَصْفُ بِهِ فَلَغَتْ الصِّفَةُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ كَقَوْلِهِ‏:‏ إذَا طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لَا تَلْزَمُكِ‏.‏

‏(‏وَتُسَمَّى‏)‏ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ‏(‏السُّرَيْجِيَّةُ‏)‏؛ لِأَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ الشَّافِعِيَّ أَوَّلُ مَنْ قَالَ فِيهَا فَقَالَ‏:‏ لَا تَطْلُقُ أَبَدًا؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الْوَاحِدَةِ يَقْتَضِي وُقُوعَ ثَلَاثٍ قَبْلَهَا، وَذَلِكَ يَمْنَعُ وُقُوعَهَا فَإِثْبَاتُهَا يُؤَدِّي إلَى نَفْيِهَا فَلَا تَثْبُتُ؛ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الدَّوْرِ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ وَقَعَ قَبْلَهَا ثَلَاثٌ فَيَمْتَنِعُ وُقُوعُهَا وَجَوَابُهُ إلْغَاءُ ‏"‏ قَبْلَهُ ‏"‏ كَمَا سَبَقَ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ تَطْلُقُ بِالْمُنَجَّزِ وَيَلْغُو الْمُعَلَّقُ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ فِي زَمَنٍ مَاضٍ ‏(‏وَيَقَعُ بِمَنْ‏)‏ أَيْ بِزَوْجَةٍ ‏(‏لَمْ يَدْخُلْ بِهَا‏)‏ وَقَالَ لَهَا ذَلِكَ الطَّلْقَةُ ‏(‏الْمُنَجَّزَةُ فَقَطْ‏)‏؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِهَا‏.‏

وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ وَطِئْتُكِ وَطْئًا مُبَاحًا‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ أَبَنْتُكِ‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ‏(‏أَوْ‏)‏ إنْ ‏(‏فَسَخْت نِكَاحَك‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ‏(‏أَوْ إنْ ظَاهَرْتُ مِنْك‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لِرَجْعِيَّةٍ ‏(‏إنْ رَاجَعْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا‏.‏

ثُمَّ وُجِدَ شَيْءٌ مِمَّا عُلِّقَ عَلَيْهِ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏وَقَعَ الثَّلَاثُ وَلَغَا قَوْلُهُ قَبْلَهُ‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا‏.‏

قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ فِي أَبَنْتُكِ وَفَسَخْت نِكَاحَكِ بَلْ تَبِينُ بِالْإِبَانَةِ وَالْفَسْخِ انْتَهَى‏.‏

فَظَهَرَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَا تَبِينُ بِقَوْلِهِ‏:‏ أَبَنْتُكِ وَفَسَخْتُ نِكَاحَكِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَإِذَا لَمْ تَبِنْ بِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ إلْغَاءِ قَوْلِهِ قَبْلَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ‏:‏ إنْ بِنْتِ أَوْ انْفَسَخَ نِكَاحُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا‏.‏

ثُمَّ بَانَتْ مِنْهُ بِخُلْعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا لِمُقْتَضٍ فَلَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِبَانَةِ لَمْ يَبْقَ لِلطَّلَاقِ مَحَلٌّ يَقَعُ فِيهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ ‏(‏كُلَّمَا طَلَّقْتُ ضَرَّتَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ‏.‏

ثُمَّ قَالَ مِثْلَهُ لِلضَّرَّةِ ثُمَّ طَلَّقَ الْأُولَى‏)‏ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏طَلُقَتْ الضَّرَّةُ طَلْقَةً‏)‏ وَاحِدَةً بِالصِّفَةِ وَهِيَ طَلَاقُ الْأُولَى‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ طَلُقَتْ ‏(‏الْأُولَى ثِنْتَيْنِ‏)‏ وَاحِدَةٌ بِالْمُبَاشَرَةِ وَوَاحِدَةٌ بِالصِّفَةِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ بِالضَّرَّةِ تَطْلِيقٌ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَوُجُودَ الصِّفَةِ تَطْلِيقٌ ‏(‏وَإِنْ طَلُقَتْ الضَّرَّةُ‏)‏ أَيْ الْمَقُولُ لَهَا ذَلِكَ ثَانِيًا ‏(‏فَقَطْ‏)‏ أَيْ وَلَمْ يُطَلِّقْ الْأُولَى بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ ‏(‏طَلُقَتَا‏)‏ أَيْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ ‏(‏طَلْقَةً طَلْقَةً‏)‏ الْأُولَى بِالصِّفَةِ، وَالثَّانِيَةُ بِالتَّنْجِيزِ، وَلَا يَقَعُ بِهَا بِالتَّعْلِيقِ أُخْرَى؛ لِأَنَّ طَلَاقَ الْأُولَى وَقَعَ بِالتَّعْلِيقِ السَّابِقِ عَلَى تَعْلِيقِ طَلَاقِ الثَّانِيَة فَلَمْ يَحْدُثْ بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِ الثَّانِيَة طَلَاقُهَا‏.‏

‏(‏وَمِثْلُ ذَلِكَ‏)‏ لَوْ قَالَ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ مَثَلًا ‏(‏إنْ‏)‏ طَلَّقْتُ حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ‏:‏ إنْ ‏(‏طَلَّقْتُ حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ‏)‏ طَلَّقْتُ عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ‏)‏ هُنَا ‏(‏كَالضَّرَّةِ فِيمَا قَبْلُ‏)‏ فَإِنْ طَلَّقَ عَمْرَةَ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ وَحَفْصَةُ طَلْقَةً، وَإِنْ طَلَّقَ حَفْصَةَ فَقَطْ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏وَعَكْسُ ذَلِكَ قَوْلُهُ لِعَمْرَةَ‏:‏ إنْ طَلَّقْتُكِ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ‏.‏

ثُمَّ‏)‏ قَوْلُهُ ‏(‏لِحَفْصَةَ‏:‏ إنْ طَلَّقْتُكِ فَعَمْرَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ هُنَا كَعَمْرَةَ هُنَاكَ‏)‏ فَإِنْ قَالَ لِعَمْرَةَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالصِّفَةِ، وَطَلُقَتْ حَفْصَةُ وَاحِدَة‏.‏

وَإِنْ طَلَّقَ حَفْصَةَ ابْتِدَاءً لَمْ يَقَعْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا طَلْقَةٌ طَلْقَةُ حَفْصَةَ بِالْمُبَاشَرَةِ وَعَمْرَةَ بِالصِّفَةِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لِأَرْبَعٍ‏)‏ زَوْجَاتِهِ ‏(‏أَيَّتُكُنَّ وَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقِي فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ ثُمَّ أَوْقَعَهُ‏)‏ أَيْ الطَّلَاقَ ‏(‏عَلَى إحْدَاهُنَّ‏)‏ أَيْ الْأَرْبَعِ ‏(‏طَلُقْنَ كَامِلًا‏)‏ أَيْ ثَلَاثًا، ثَلَاثًا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَوْقَعَهُ بِإِحْدَاهُنَّ طَلُقَتْ بِإِيقَاعِهِ طَلْقَةً طَلْقَةً، وَطَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَة مِنْ صَوَاحِبِهَا بِوُقُوعِهِ عَلَيْهَا طَلْقَةً، وَكُلَّمَا يَقَعُ بِوَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ يَقَعُ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْ صَوَاحِبِهَا طَلْقَةٌ فَيَنَالُ كُلَّ وَاحِدَة مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ ‏(‏كُلَّمَا طَلَّقْتُ وَاحِدَةً فَعَبْدٌ‏)‏ مِنْ عَبِيدِي ‏(‏حُرٌّ‏)‏‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كُلَّمَا طَلَّقْتُ ‏(‏ثِنْتَيْنِ فَاثْنَانِ‏)‏ مِنْ عَبِيدِي حُرَّانِ ‏(‏وَ‏)‏ كُلَّمَا طَلَّقْتُ ‏(‏ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ‏)‏ مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كُلَّمَا طَلَّقْتُ ‏(‏أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ‏)‏ مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ ‏(‏ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ وَلَوْ مَعًا‏)‏ بِأَنْ قَالَ لَهُنَّ‏:‏ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ ‏(‏عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَبْدًا‏)‏؛ لِأَنَّ فِي الزَّوْجَاتِ أَرْبَعَ صِفَاتٍ هُنَّ أَرْبَعٌ فَيَعْتِقُ أَرْبَعَةً وَهُنَّ أَرْبَعُ آحَادٍ فَيَعْتِقُ أَرْبَعَةً وَهُنَّ اثْنَتَانِ وَاثْنَتَانِ فَيَعْتِقُ أَرْبَعَةً وَفِيهِنَّ ثَلَاثٌ فَيَعْتِقُ بِهِنَّ ثَلَاثَةً أَوْ تَقُولُ يُعْتَقُ بِوَاحِدَةٍ وَاحِدٌ، وَبِثَانِيَةٍ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا صِفَتَيْنِ هِيَ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَعَ الْأُولَى اثْنَتَانِ وَيُعْتَقُ بِثَالِثَةٍ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهَا وَاحِدَة وَهِيَ مَعَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ثَلَاثٌ، وَيُعْتَقُ بِرَابِعَةٍ سَبْعَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا ثَلَاثَ صِفَاتٍ هِيَ وَاحِدَة وَهِيَ مَعَ الثَّانِيَةِ اثْنَتَانِ، وَهِيَ مَعَ الثَّلَاثِ الَّتِي قَبْلَهَا أَرْبَعٌ ‏(‏وَإِنْ أَتَى‏)‏ ‏(‏بَدَلَ‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏كُلَّمَا بِ‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏إنْ أَوْ نَحْوِهَا‏)‏ كَمَتَى وَإِذَا وَحَيْثُمَا كَقَوْلِهِ‏:‏ إنْ طَلَّقْتُ وَاحِدَة فَعَبْدِي حُرٌّ وَثِنْتَيْنِ فَاثْنَانِ وَثَلَاثَةً فَثَلَاثَةٌ، وَأَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ، ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ وَلَوْ مَعًا ‏(‏عَتَقَ عَشَرَةُ‏)‏ أَعْبُدٍ؛ لِأَنَّ إنْ غَيْرَ كُلَّمَا لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ أَتَاكِ طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ‏.‏

ثُمَّ كَتَبَ إلَيْهَا‏:‏ إذَا أَتَاكِ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَاهَا‏)‏ كِتَابُهُ ‏(‏كَامِلًا وَلَمْ يَنْمَحِ‏)‏ مِنْهُ ‏(‏ذِكْرُ الطَّلَاقِ فَثِنْتَانِ‏)‏ طَلْقَةٌ بِتَعْلِيقِهَا عَلَى الْكِتَابِ، وَطَلْقَةٌ بِتَعْلِيقِهَا عَلَى إتْيَانِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَتَاهَا بِكِتَابِهِ إلَيْهَا الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَإِنْ أَتَاهَا بَعْضُ الْكِتَابِ وَفِيهِ الطَّلَاقُ أَوْ أَتَاهَا كُلُّهُ وَقَدْ انْمَحَى مَا فِيهِ أَوْ ذِكْرُ الطَّلَاقِ مِنْهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ كَمَا لَوْ ضَاعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِهَا طَلَاقُهُ، وَلَا كِتَابُهُ، بَلْ بَعْضُهُ وَلَا يَثْبُتُ الْكِتَابُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ كَكِتَابِ الْقَاضِي وَيَكْفِي أَنْ يَشْهَدَا عِنْدَهَا ‏(‏فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ‏)‏ بِقَوْلِي إنْ أَتَاك كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَنَّكِ طَالِقٌ‏)‏ بِالتَّعْلِيقِ ‏(‏الْأَوَّلِ دِينَ‏)‏؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ وَكَلَامُهُ يَحْتَمِلُ ‏(‏وَقُبِلَ‏)‏ مِنْهُ ‏(‏حُكْمًا‏)‏ لِظُهُورِهِ‏.‏

‏(‏وَمَنْ كَتَبَ‏)‏ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقُرِئَ عَلَيْهَا وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏إنْ كَانَتْ أُمِّيَّةً‏)‏ لَا تَقْرَأُ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يُرَادُ بِقِرَاءَتِهَا ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ تَكُنْ أُمِّيَّةً بَلْ قَارِئَةً ‏(‏فَلَا‏)‏ تَطْلُقُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهَا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْرَأْهُ وَالْأَصْلُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ مَا لَمْ تَتَعَذَّرْ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ كِتَابَ فُلَانٍ فَقَرَأَ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُحَرِّكْ شَفَتَيْهِ بِهِ حَنِثَ لِانْصِرَافِ يَمِينِهِ إلَى مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ حَقِيقَةَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهَا‏.‏

فصل‏:‏ في تعليقه بالحلف أي‏:‏ الطلاق

إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ‏:‏ إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ‏(‏ثُمَّ عَلَّقَهُ‏)‏ أَيْ طَلَاقَهَا ‏(‏بِمَا‏)‏ أَيْ بِشَيْءٍ ‏(‏فِيهِ حِنْثٌ‏)‏ عَلَى فِعْلٍ كَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَأَقُومَنَّ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ‏(‏أَوْ‏)‏ عَلَّقَهُ بِمَا فِيهِ ‏(‏مَنْعٌ‏)‏ مِنْ فِعْلٍ كَإِنْ قُمْتُ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ‏(‏أَوْ‏)‏ عَلَّقَهُ بِمَا فِيهِ ‏(‏تَصْدِيقُ خَبَرٍ‏)‏ كَأَنْتِ طَالِقٌ لَقَدْ قُمْتُ أَوْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِصِدْقٌ وَنَحْوَهُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ ‏(‏أَوْ‏)‏ عَلَّقَهُ بِمَا فِيهِ ‏(‏تَكْذِيبُهُ‏)‏ أَيْ الْخَبَرِ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَوْلُ كَذِبًا ‏(‏طَلُقَتْ فِي الْحَالِ‏)‏ لِوُجُودِ الْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا تَجَوُّزًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِالْحَلِفِ وَهُوَ الْحِنْثُ أَوْ الْمَنْعُ أَوْ التَّأْكِيدُ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ تَعْلِيقًا؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ إذَا تَعَذَّرَ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ حُمِلَ عَلَى مَجَازِهِ لِقَرِينَةِ الِاسْتِحَالَةِ و‏(‏لَا‏)‏ تَطْلُقُ مَنْ عُلِّقَ طَلَاقُهَا بِالْحَلِفِ بِهِ ‏(‏وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا‏)‏ أَوْ مَشِيئَةِ غَيْرِهَا قَبْلَهَا ‏(‏أَوْ‏)‏ عَلَّقَهُ ‏(‏بِحَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ قُدُومِ الْحَاجِّ وَنَحْوَهُ‏)‏ كَالْكُسُوفِ وَهُبُوبِ الرِّيحِ قَبْلَ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْحَلِفِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَعَادَهُ‏)‏ لَهَا ‏(‏مَرَّةً‏)‏ أُخْرَى ‏(‏فَطَلْقَةٌ‏)‏؛ لِأَنَّهُ حَلِفٌ أَوْ كَلَامٌ ‏(‏وَ‏)‏ إنْ أَعَادَهُ ‏(‏مَرَّتَيْنِ فَثِنْتَانِ‏)‏ وَإِنْ أَعَادَهُ ‏(‏ثَلَاثًا فَثَلَاثُ‏)‏ طَلْقَاتٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ وُجِدَ فِيهَا شَرْطُ الطَّلَاقِ وَيَنْعَقِدُ شَرْطُ طَلْقَةٍ أُخْرَى ‏(‏مَا لَمْ يَقْصِدْ إفْهَامَهَا فِي‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏إنْ حَلَفْتُ‏)‏ بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَقَعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعَادَهُ مَنْ عَلَّقَهُ بِالْكَلَامِ بِقَصْدِ إفْهَامَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ كَلَامًا قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَأَخْطَأَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ فِيهَا كَالْأُولَى ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ ‏(‏وَتَبِينُ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا‏)‏ إذَا أَعَادَهُ ‏(‏بِطَلْقَةٍ‏)‏ فَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا ‏(‏وَلَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ الثَّانِيَة‏)‏ و‏(‏لَا‏)‏ الثَّالِثَة فِي مَسْأَلَةِ ‏(‏الْكَلَامِ‏)‏ فِي غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِشُرُوعِهِ فِي كَلَامِهَا فَلَا يَحْصُلُ جَوَابُ الشَّرْطِ إلَّا وَهِيَ بَائِنٌ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ فَتَنْعَقِدُ يَمِينُهُ الثَّانِيَة؛ لِأَنَّهَا لَا تَبِينُ إلَّا بَعْدَ انْعِقَادِهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدُ ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا طَلُقَتْ لِوُجُودِ الْحِنْثِ بِالْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ فِي النِّكَاحِ السَّابِقِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ ‏(‏إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ وَقَعَ بِكُلٍّ‏)‏ مِنْهُمَا ‏(‏طَلْقَةٌ‏)‏ لِمَا سَبَقَ ‏(‏وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِإِحْدَاهُمَا‏)‏ أَيْ الْمَرْأَتَيْنِ ‏(‏فَأَعَادَهُ بَعْدُ‏)‏ أَنْ وَقَعَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا طَلْقَةٌ ‏(‏فَلَا طَلَاقَ‏)‏؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِطَلَاقِ الْبَائِنِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ ‏(‏وَلَوْ نَكَحَ الْبَائِنَ ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا طَلُقَتَا أَيْضًا طَلْقَةً طَلْقَةً‏)‏ لِانْعِقَادِ الْيَمِينِ الثَّانِيَة فِي حَقِّهِمَا جَمِيعًا وَاكْتِفَاءً بِوُجُودِ آخِرِ الصِّفَةِ فِي النِّكَاحِ لِيَقَعَ الطَّلَاقُ عَقِبَهُ وَاسْتُشْكِلَ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي الْحَاشِيَةِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ أَتَى ‏(‏بِكُلَّمَا بَدَلَ إنْ‏)‏ بِأَنْ قَالَ‏:‏ كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ وَإِحْدَاهُمَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا ثُمَّ أَعَادَهُ حَالَ بَيْنُونَتِهَا ثُمَّ نَكَحَ الْبَائِنَ وَأَعَادَهُ طَلُقَتَا ‏(‏ثَلَاثًا‏)‏ ثَلَاثًا ‏(‏طَلْقَةً عَقِبَ حَلِفِهِ ثَانِيًا وَطَلْقَتَيْنِ لَمَّا نَكَحَ الْبَائِنَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا‏)‏ لِعَدَمِ انْحِلَالِ الْيَمِينِ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ وَالْيَمِينُ الثَّانِيَةُ مُنْعَقِدَةٌ فَالْيَمِينُ الثَّالِثَةُ الَّتِي تَكَمَّلَتْ بِحَلِفِهِ عَلَى الْمُتَجَدِّدِ نِكَاحُهَا شَرْطٌ لِلْيَمِينِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَيَقَعُ بِهَا طَلْقَتَانِ بِخِلَافِ إنْ فَإِنَّ الْيَمِينَ الْأُولَى تَنْحَلُّ بِالثَّانِيَةِ لِعَدَمِ اقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ‏.‏

‏(‏وَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ حَفْصَةَ وَعَمْرَةَ إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَة مِنْهُمَا‏)‏؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِ عَمْرَةَ وَحْدَهَا لَا بِطَلَاقِهِمَا ‏(‏وَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ‏:‏ إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ عَمْرَةُ‏)‏ لِحَلِفِهِ بِطَلَاقِهِمَا بَعْدَ تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا عَلَيْهِ ‏(‏ثُمَّ إنْ قَالَ‏)‏ بَعْدَهُ ‏(‏إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا‏)‏ لِمَا سَبَقَ ‏(‏ثُمَّ إنْ قَالَ‏)‏ بَعْدَهُ ‏(‏إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ حَفْصَةُ‏)‏ وَحْدَهَا لِمَا مَرَّ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لِمَدْخُولٍ بِهِمَا كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ أَوْ‏)‏ قَالَ كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ ‏(‏وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ طَلُقَتَا ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ‏)‏؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَلِفٌ بِطَلَاقِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَطَلُقَتَا بِحَلِفِهِ بِطَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا طَلْقَةً طَلْقَةً وَبِحَلِفِهِ بِطَلَاقِ الْأُخْرَى كَذَلِكَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ لَهُمَا كُلَّمَا حَلَفْت بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا ‏(‏فَهِيَ‏)‏ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏فَضَرَّتُهَا طَالِقٌ وَأَعَادَهُ فَطَلْقَةً طَلْقَةً‏)‏ بِكُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إنَّمَا اقْتَضَى طَلَاقَهَا وَحْدَهَا وَمَا حَلَفَ بِطَلَاقِهَا إلَّا مَرَّةً فَلَا تَطْلُقُ إلَّا طَلْقَةً ‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ لَهُمَا كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا ‏(‏فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ‏)‏ وَأَعَادَهُ ‏(‏فَطَلْقَةٌ‏)‏ تَقَعُ ‏(‏بِإِحْدَاهُمَا تُعَيَّنُ بِقُرْعَةٍ‏)‏ كَمَا لَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لِأَحَدِهِمَا إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِ ضَرَّتِك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالَهُ لِلْأُخْرَى‏)‏ أَيْ قَالَ لَهَا مِثْلَ مَا قَالَ لِلْأُولَى ‏(‏طَلُقَتْ الْأُولَى‏)‏ لِحَلِفِهِ بِطَلَاقِ ضَرَّتِهَا ‏(‏فَإِنْ أَعَادَهُ لِلْأُولَى طَلُقَتْ الْأُخْرَى‏)‏ لِمَا مَرَّ‏.‏

فصل‏:‏ في تعليقه بالكلام والإذن والقِرْبَانِ أي‏:‏ الطلاق

بِكَسْرِ الْقَافِ مَصْدَرُ قَرِيبٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ ‏(‏إذَا قَالَ‏)‏ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَحَقَّقِي أَوْ زَجَرَهَا فَقَالَ‏:‏ تَنَحِّي أَوْ اُسْكُتِي أَوْ مُرِّي وَنَحْوَهُ‏)‏ اتَّصَلَ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ أَوْ لَا طَلُقَتْ مَا لَمْ يَنْوِ غَيْرَهُ وَكَذَا لَوْ سَمِعَهَا تَذْكُرُهُ بِسُوءٍ فَقَالَ الْكَاذِبُ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ حَنِثَ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ كَلَّمَهَا ‏(‏أَوْ قَالَ لَهَا‏)‏ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِالْكَلَامِ ‏(‏إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ‏)‏ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ خَارِجٌ عَنْ الْيَمِينِ ‏(‏مَا لَمْ يَنْوِ‏)‏ كَلَامًا ‏(‏غَيْرَهُ‏)‏ أَيْ غَيْرَ ذَلِكَ الْكَلَامِ أَوْ تَرَكَ مُحَادَثَتَهَا أَوْ الِاجْتِمَاعَ بِهَا فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ بَدَأْتُكِ بِكَلَامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ‏)‏ لَهُ ‏(‏إنْ بَدَأْتُكِ بِهِ‏)‏ أَيْ بِكَلَامٍ ‏(‏فَعَبْدِي حُرٌّ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ‏)‏؛ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ أَوَّلًا فَلَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ لَهَا بَعْدُ ابْتِدَاءً ‏(‏إنْ لَمْ تَكُنْ‏)‏ لَهُ ‏(‏نِيَّةٌ‏)‏ بِأَنْ نَوَى أَنَّهُ لَا يَبْدَؤُهَا بِكَلَامٍ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى ‏(‏ثُمَّ إنْ بَدَأَتْهُ‏)‏ بِكَلَامٍ ‏(‏حَنِثَتْ‏)‏ أَيْ عَتَقَ عَبْدُهَا لِوُجُودِ الصِّفَةِ ‏(‏وَإِنْ بَدَأَهَا‏)‏ بِكَلَامٍ بَعْدَ قَوْلِهَا إنْ بَدَأْتُكِ بِكَلَامٍ فَعَبْدِي حُرٌّ ‏(‏انْحَلَّتْ يَمِينُهَا‏)‏ لِمَا سَبَقَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ عَلَّقَهُ‏)‏ أَيْ طَلَاقَهَا ‏(‏بِكَلَامِهَا زَيْدًا‏)‏ كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فَكَلَّمَتْهُ‏)‏ أَيْ زَيْدًا ‏(‏فَلَمْ يَسْمَعْ‏)‏ زَيْدٌ كَلَامَهَا ‏(‏لِغَفْلَةِ‏)‏ زَيْدٍ ‏(‏أَوْ شُغْلِهِ‏)‏ عَنْهَا ‏(‏وَنَحْوَهُ‏)‏ كَخَفْضِ صَوْتِهَا أَوْ صِيَاحٍ وَكَانَتْ مِنْهُ بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَتْ صَوْتَهَا سَمِعَهَا حَنِثَ ‏(‏أَوْ‏)‏ كَلَّمَتْهُ ‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ زَيْدٌ ‏(‏مَجْنُونٌ أَوْ سَكْرَانُ‏)‏ غَيْرَ مَصْرُوعَيْنِ ‏(‏أَوْ أَصَمُّ يَسْمَعُ لَوْلَا الْمَانِعُ‏)‏ حَنِثَ؛ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ ‏(‏أَوْ كَاتَبَتْهُ‏)‏ أَيْ زَيْدًا ‏(‏أَيْ رَاسَلَتْهُ وَلَمْ يَنْوِ‏)‏ مُعَلِّقٌ ‏(‏مُشَافَهَتَهَا‏)‏ لَهُ بِالْكَلَامِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَلَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ‏}‏‏.‏

وَلِأَنَّ ظَاهِرَ الْيَمِينِ هِجْرَانُهَا لِزَيْدٍ وَلَا يَحْصُلُ مَعَ مُوَاصَلَتِهِ بِالْكِتَابَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ، وَإِنْ أَرْسَلَتْ إنْسَانًا يَسْأَلُ أَهْلَ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَةٍ أَوْ حَدِيثٍ فَجَاءَ الرَّسُولُ فَسَأَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ بِإِرْسَالِ الرَّسُولِ ‏(‏أَوْ كَلَّمَتْ غَيْرَهُ‏)‏ أَيْ غَيْرِ زَيْدٍ ‏(‏وَزَيْدٌ يَسْمَعُ تَقْصِدُهُ‏)‏ بِهِ ‏(‏حَنِثَ‏)‏؛ لِأَنَّهَا قَصَدَتْهُ وَأَسْمَعَتْهُ كَلَامَهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ خَاطَبَتْهُ وَكَذَا لَوْ سَلَّمَتْ عَلَيْهِ لَا تَسْلِيمَ صَلَاةٍ إنْ لَمْ تَقْصِدْهُ و‏(‏لَا‏)‏ يَحْنَثُ ‏(‏إنْ كَلَّمَتْهُ‏)‏ أَيْ زَيْدًا ‏(‏مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ نَائِمًا‏)‏؛ لِأَنَّ التَّكْلِيمَ فِعْلٌ يَتَعَدَّى إلَى الْمُكَلَّمِ فَلَا يَكُونُ إلَّا فِي حَالٍ يُمْكِنُهُ الِاسْتِمَاعُ فِيهَا ‏(‏أَوْ‏)‏ كَلَّمَتْهُ ‏(‏وَهِيَ مَجْنُونَةٌ‏)‏ فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّهَا لَا قَصْدَ لَهَا ‏(‏أَوْ أَشَارَتْ إلَيْهِ‏)‏ أَيْ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لَيْسَتْ كَلَامًا شَرْعًا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ ‏(‏إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا وَعَمْرًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ‏)‏ مِنْهُمَا ‏(‏وَاحِدًا‏)‏ بِأَنْ كَلَّمَتْ وَاحِدَةً زَيْدًا وَالْأُخْرَى عَمْرًا ‏(‏طَلُقَتَا‏)‏؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهُمَا عَلَى كَلَامِهِمَا لَهُمَا وَقَدْ وُجِدَ أَشْبَهَ قَوْلَ إنْ رَكِبْتُمَا دَابَّتَيْكُمَا وَنَحْوَهُ ‏(‏لَا إنْ قَالَ‏)‏ لِامْرَأَتَيْهِ ‏(‏إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا وَكَلَّمْتُمَا عَمْرًا‏)‏ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا ‏(‏فَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يُكَلِّمَا‏)‏ أَيْ الْمَرْأَتَانِ ‏(‏كُلًّا مِنْهُمَا‏)‏ أَيْ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهُمَا بِكَلَامِهِمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَهَاهَا وَخَالَفَتْهُ وَلَا نِيَّةَ‏)‏ لَهُ تُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ ‏(‏لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَتَهُمَا‏)‏ أَيْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ لِأَنَّهَا خَالَفَتْ نَهْيَهُ لِأَمْرِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُطْلَقَ الْمُخَالَفَةِ فَإِنْ نَوَى مُطْلَقَ الْمُخَالَفَةِ حَنِثَ وَقِيَاسُهَا لَوْ قَالَ‏:‏ إنْ خَالَفْت نَهْيِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَمَرَهَا فَخَالَفَتْهُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ خَرَجْتِ‏)‏ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ زَادَ مَرَّةً‏)‏ فَقَالَ إنْ خَرَجْتِ مَرَّةً ‏(‏بِغَيْرِ إذْنِي أَوْ إلَّا بِإِذْنِي أَوْ حَتَّى آذَنَ لَك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ وَلَمْ يَأْذَنْ‏)‏ لَهَا فِي الْخُرُوجِ طَلُقَتْ لِوُجُودِ الصِّفَةِ ‏(‏أَوْ أَذِنَ‏)‏ لَهَا فِي الْخُرُوجِ ‏(‏ثُمَّ نَهَاهَا‏)‏ ثُمَّ خَرَجَتْ وَلَمْ يَأْذَنْ بَعْدَ نَهْيِهِ طَلُقَتْ لِخُرُوجِهَا بَعْدَ نَهْيِهَا بِلَا إذْنِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخُرُوجَ بِمَنْزِلَةِ خُرُوجٍ ثَانٍ ‏(‏أَوْ أَذِنَ‏)‏ لَهَا فِي الْخُرُوجِ ‏(‏وَلَمْ تَعْلَمْ‏)‏ بِإِذْنِهِ فَخَرَجَتْ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ هُوَ الْإِعْلَامُ وَلَمْ يُعْلِمْهَا ‏(‏أَوْ‏)‏ أَذِنَ لَهَا ‏(‏وَعَلِمَتْ‏)‏ وَخَرَجَتْ ‏(‏ثُمَّ خَرَجَتْ ثَانِيًا بِلَا إذْنِهِ طَلُقَتْ لِخُرُوجِهَا‏)‏ بِلَا إذْنِهِ و‏(‏لَا‏)‏ يَحْنَثُ بِخُرُوجِهَا ‏(‏إنْ أَذِنَ‏)‏ لَهَا ‏(‏فِيهِ‏)‏ أَيْ الْخُرُوجِ ‏(‏كُلَّمَا شَاءَتْ‏)‏ نَصًّا؛ لِأَنَّ خُرُوجَهَا بِإِذْنِهِ مَا لَمْ يُجَدِّدْ حَلِفًا أَوْ يَنْهَاهَا‏.‏

‏(‏أَوْ قَالَ‏)‏ إنْ خَرَجْتِ ‏(‏إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏فَمَاتَ زَيْدٌ ثُمَّ خَرَجَتْ‏)‏ فَلَا حِنْثَ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَجَعَلَ الْمُسْتَثْنَى مَحْلُوفًا عَلَيْهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ خَرَجْتِ إلَى غَيْرِ حَمَّامٍ بِلَا إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهُ‏)‏ أَيْ لِلْحَمَّامِ ‏(‏وَلِغَيْرِهِ‏)‏ طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا خَرَجَتْ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ ‏(‏أَوْ‏)‏ خَرَجَتْ ‏(‏لَهُ‏)‏ أَيْ الْحَمَّامِ ‏(‏ثُمَّ بَدَا لَهَا غَيْرُهُ‏)‏ كَالْمَسْجِدِ أَوْ دَارِ أَهْلِهَا ‏(‏طَلُقَتْ‏)‏؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ يَمِينِهِ مَنْعُهَا مِنْ غَيْرِ الْحَمَّامِ فَكَيْفَ مَا صَارَتْ إلَيْهِ حَنِثَ كَمَا لَوْ خَالَفَتْ لَفْظَهُ ‏(‏وَمَتَى قَالَ‏)‏ مَنْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ زَوْجَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَخَرَجَتْ ‏(‏كُنْتُ أَذِنْتُ‏)‏ فِي خُرُوجِهَا وَأَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ ‏(‏قُبِلَ‏)‏ مِنْهُ ‏(‏بِبَيِّنَةٍ‏)‏ لَا بِدُونِهَا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ قَرُبْت‏)‏ بِضَمِّ الرَّاءِ ‏(‏دَارَ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏بِوُقُوفِهَا تَحْتَ فِنَائِهَا‏)‏ أَيْ الدَّارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا ‏(‏وَلُصُوقِهَا‏)‏ أَيْ الْمَرْأَةِ ‏(‏بِجِدَارِهَا‏)‏ أَيْ الدَّارِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا إنْ قَرِبْت دَارَ كَذَا ‏(‏بِكَسْرِ رَاءِ قَرِبْت لَمْ يَقَعْ‏)‏ عَلَيْهِ طَلَاقٌ ‏(‏حَتَّى تَدْخُلَهَا‏)‏ أَيْ الدَّارَ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُمَا ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ وَهُوَ كَلَامُ الشَّاشِيِّ كَمَا ذَكَرْته فِي الْحَاشِيَةِ‏.‏

فَصْلٌ‏:‏ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْمَشِيئَةِ أَيْ الْإِرَادَةِ

إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ‏:‏ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ ‏(‏أَوْ إذَا‏)‏ شِئْتِ ‏(‏أَوْ مَتَى‏)‏ شِئْتِ ‏(‏أَوْ أَنَّى‏)‏ شِئْتِ ‏(‏أَوْ أَيْنَ‏)‏ شِئْتِ ‏(‏أَوْ كَيْفَ‏)‏ شِئْتِ ‏(‏أَوْ حَيْثُ‏)‏ شِئْتِ ‏(‏أَوْ أَيَّ وَقْتٍ شِئْتِ فَشَاءَتْ‏)‏ بِلَفْظِهَا لَا بِقَلْبِهَا‏.‏

‏(‏وَلَوْ‏)‏ كَانَتْ ‏(‏كَارِهَةً‏)‏ وَقَعَ لِوُجُودِ الصِّفَةِ وَعِبَارَتُهُ فِي الْإِنْصَافِ وَالتَّنْقِيحِ وَلَوْ مُكْرَهَةً وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الصَّوَابُ ‏(‏أَوْ‏)‏ كَانَتْ مَشِيئَتُهَا ‏(‏بَعْدَ تَرَاخٍ أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِ‏)‏ أَيْ الزَّوْجِ عَنْ تَعْلِيقِهِ بِهَا ‏(‏وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ عُلِّقَ عَلَى الْمَشِيئَةِ فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي كَالْعِتْقِ وَالتَّعْلِيقُ لَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ عَنْهُ لِلِزُومِهِ وَإِنْ قَيَّدَ الْمَشِيئَةَ بِوَقْتٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ تَقَيَّدَتْ بِهِ فَلَا يَقَعُ بِمَشِيئَتِهَا بَعْدَهُ و‏(‏لَا‏)‏ يَقَعُ ‏(‏إنْ قَالَتْ شِئْتُ إنْ شِئْتَ‏)‏ وَلَوْ شَاءَ ‏(‏أَوْ‏)‏ شِئْتُ ‏(‏إنْ شَاءَ أَبِي وَلَوْ شَاءَ‏)‏ أَبُوهَا؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ وَكَذَا شِئْتُ إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَنَحْوَهُ نَصًّا وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَشِيئَةٌ إنَّمَا وُجِدَ مِنْهَا تَعْلِيقُ مَشِيئَتِهَا بِشَرْطٍ وَلَيْسَ تَعْلِيقُهَا بِذَلِكَ مَشِيئَةً‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ وَشَاءَ أَبُوك‏)‏ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَشَاءَ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهَا‏:‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏إنْ شَاءَ زَيْدٌ وَعُمَرُ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَشَاءَ‏)‏ وَلَوْ شَاءَ أَحَدُهُمَا فَوْرًا وَالْآخَرُ مُتَرَاخِيًا وَقَعَ لِوُجُودِ مَشِيئَتِهِمَا جَمِيعًا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَشَاءَ‏)‏ زَيْدٌ ‏(‏وَلَوْ‏)‏ كَانَ ‏(‏مُمَيِّزًا يَعْقِلُهَا‏)‏ أَيْ الْمَشِيئَةَ حِينَهَا ‏(‏أَوْ‏)‏ كَانَ ‏(‏سَكْرَانَ أَوْ‏)‏ شَاءَ ‏(‏بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ مِمَّنْ خَرِسَ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ‏)‏ فَشَاءَ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ ‏(‏وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ لِصِحَّتِهِ مِنْ مُمَيِّزٍ يَعْقِلُهُ وَسَكْرَانَ‏.‏

وَمِنْ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ وَرَدَّهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ فِي السَّكْرَانِ بِأَنَّ وُقُوعَهُ مِنْهُ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ لِمَعْصِيَتِهِ وَهُنَا التَّغْلِيظُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا مَعْصِيَةَ مِمَّنْ غَلُظَ عَلَيْهِ و‏(‏لَا‏)‏ يَقَعُ الطَّلَاقُ ‏(‏إنْ مَاتَ‏)‏ زَيْدٌ ‏(‏أَوْ غَابَ أَوْ جُنَّ قَبْلَهَا‏)‏ أَيْ الْمَشِيئَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ‏.‏

‏(‏وَلَوْ قَالَ‏)‏ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏إلَّا أَنْ يَشَاءَ‏)‏ فُلَانٌ ‏(‏فَمَاتَ‏)‏ فُلَانٌ ‏(‏أَوْ جُنَّ أَوْ أَبَاهَا‏)‏ أَيْ الْمَشِيئَةَ ‏(‏وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏إذَنْ‏)‏؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَعَلَّقَ رَفْعَهُ بِشَرْطٍ لَمْ يُوجَدْ ‏(‏وَإِنْ خَرِسَ‏)‏ فُلَانٌ ‏(‏وَفُهِمَتْ إشَارَتُهُ فَكَنُطْقِهِ‏)‏ لِقِيَامِهَا مَقَامَهُ‏.‏

قُلْت وَكَذَا كِتَابَتُهُ‏.‏

‏(‏وَإِنْ نَجَّزَ‏)‏ طَلْقَةً فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً إلَّا أَنْ تَشَائِي أَوْ يَشَاءَ زَيْدٌ ثَلَاثًا ‏(‏أَوْ عَلَّقَ طَلْقَةً‏)‏ فَقَالَ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً ‏(‏إلَّا أَنْ تَشَاءَ هِيَ أَوْ‏)‏ يَشَاءَ ‏(‏زَيْدٌ ثَلَاثًا أَوْ‏)‏ نَجَّزَ أَوَعَلَّقَ ‏(‏ثَلَاثًا‏)‏ بِأَنْ قَالَ أَنْتَ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ‏(‏إلَّا أَنْ تَشَائِي وَاحِدَةً أَوْ‏)‏ إلَّا أَنْ ‏(‏يَشَاءَ‏)‏ زَيْدٌ ‏(‏وَاحِدَةً فَشَاءَتْ‏)‏ هِيَ ‏(‏أَوْ شَاءَ‏)‏ زَيْدٌ ‏(‏ثَلَاثًا فِي‏)‏ الْمَسْأَلَةِ ‏(‏الْأُولَى وَقَعَتْ‏)‏ الثَّلَاثُ لِوُجُودِ شَرْطِهَا ‏(‏كَوَاحِدَةٍ‏)‏ أَيْ كَمَا تَقَعُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ شَاءَتْ هِيَ أَوْ زَيْدٌ وَاحِدَةٌ ‏(‏فِي‏)‏ الْمَسْأَلَةِ ‏(‏الثَّانِيَة‏)‏؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى صِيغَتِهِ ‏(‏وَإِنْ شَاءَتْ‏)‏ ثِنْتَيْنِ ‏(‏أَوْ شَاءَ‏)‏ زَيْدٌ ‏(‏ثِنْتَيْنِ‏)‏ أَيْ طَلْقَتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ‏(‏فَكَمَا لَوْ لَمْ يَشَاءَا‏)‏ أَيْ هِيَ أَوْ زَيْدٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إلَّا أَنْ تَشَاءَ هِيَ وَزَيْدٌ ثِنْتَيْنِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ زَيْدٌ وَلَا نِيَّةَ‏)‏ لِلْقَائِلِ تُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ ‏(‏فَشَاءَهُمَا‏)‏ زَيْدٌ أَيْ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ ‏(‏وَقَعَا‏)‏ لِوُجُودِ الصِّفَةِ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَشَأْهُمَا بِأَنْ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا أَوْ شَاءَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ ‏(‏لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ‏)‏؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ وَالْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ وَقَدْ وَلِيَهُمَا التَّعْلِيقُ فَتَوَقَّفَ الْوُقُوعُ عَلَى مَشِيئَتِهِمَا وَلَا تَحْصُلُ بِمَشِيئَةِ أَحَدِهِمَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏يَا طَالِقُ‏)‏ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَقَالَ إنَّهُ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهَا ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ‏)‏ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏عَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ‏)‏ عَتَقَ ‏(‏أَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ‏)‏ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ ‏(‏أَوْ قَالَ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ ‏(‏إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إنْ لَمْ‏)‏ يَشَأْ اللَّهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ ‏(‏مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ وَقَعَا‏)‏ أَيْ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ نَصًّا وَذَكَرَ قَوْلَ قَتَادَةَ قَدْ شَاءَ اللَّهُ الطَّلَاقَ حِينَ أَذِنَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى مَا لَا سَبِيلَ إلَى عِلْمِهِ فَبَطَلَ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمُسْتَحِيلَاتِ وَلِأَنَّهُ إنْشَاءُ حُكْمٍ فِي مَحَلٍّ فَلَمْ يَرْتَفِعْ بِالْمَشِيئَةِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَلِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَأْكِيدَ الْوُقُوعِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ قُمْت‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ لَمْ تَقُومِي فَأَنْتِ طَالِقٌ‏)‏ إنْ شَاءَ اللَّهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏لِأَمَتِهِ‏)‏ مَثَلًا ‏(‏إنْ قُمْت أَوْ إنْ لَمْ تَقُومِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ‏)‏ قَالَ لِامْرَأَتَهُ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ‏)‏ إنْ قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَقُومِي إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَتَقُومِينَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَأَقُومَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لِأَمَتِهِ مَثَلًا ‏(‏أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ قُمْت‏)‏ إنْ شَاءَ اللَّهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَنْتِ حُرَّةٌ ‏(‏إنْ لَمْ تَقُومِي‏)‏ إنْ شَاءَ اللَّهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَنْتِ حُرَّةٌ ‏(‏لَتَقُومِينَ‏)‏ إنْ شَاءَ اللَّهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَنْتِ حُرَّةٌ ‏(‏لَا قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ لَمْ يَقَعْ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏بِهِ‏)‏ أَيْ بِفِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ أَوْ بِتَرْكِهِ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ هُنَا يَمِينٌ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى مَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ فَشَمِلَهُ عُمُومُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا ‏{‏مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ‏}‏ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد‏.‏

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا ‏{‏مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ‏}‏ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ فَلَهُ ثُنْيَاهُ فَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لَتَدْخُلَنَّ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ تَطْلُقْ دَخَلَتْ أَوْ لَمْ تَدْخُلْ؛ لِأَنَّهَا إنْ دَخَلَتْ فَقَدْ فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ عَلِمْنَا أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَشَأْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ لَوُجِدَ فَإِنْ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ لَا تَدْخُلِي الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَنْوِ رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَوْ رَدَّهَا لِلطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ إلَيْهِمَا ‏(‏وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْفِعْلَ قَالَ فِي الشَّرْحِ وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ نِيَّتُهُ‏.‏

فَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى الدُّخُولِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الطَّلَاقِ‏.‏

‏(‏وَمَنْ حَلَفَ‏)‏ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ ‏(‏لَا يَفْعَلُ‏)‏ كَذَا ‏(‏إنْ شَاءَ زَيْدٌ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ حَتَّى يَشَاءَ‏)‏ زَيْدٌ ‏(‏أَنْ لَا يَفْعَلَ‏)‏ الْحَالِفُ لِتَعْلِيقِ حَلِفِهِ عَلَى ذَلِكَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لِرِضَا زَيْدٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏لِمَشِيئَتِهِ‏)‏ أَيْ زَيْدٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهَا ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ لِقِيَامِكِ وَنَحْوَهُ‏)‏ كَسَوَادِكِ وَبَيَاضِكِ أَوْ سُوءِ خُلُقِكِ أَوْ سِمَنِكِ وَشِبْهِهِ ‏(‏يَقَعُ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏فِي الْحَالِ‏)‏؛ لِأَنَّهُ إيقَاعٌ مُعَلَّلٌ بِعِلَّةٍ ‏(‏بِخِلَافِ قَوْلِهِ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏لِقُدُومِ زَيْدٍ‏)‏ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلتَّأْقِيتِ نَظِيرُهَا قَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ‏}‏ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏لِغَدٍ‏)‏ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَأْتِيَ الْغَدُ ‏(‏وَنَحْوَهُ‏)‏ كَأَنْتِ طَالِقٌ لِحَيْضِكِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَحِيضَ لِمَا سَبَقَ ‏(‏فَإِنْ قَالَ فِيمَا ظَاهِرُهُ التَّعْلِيلُ‏)‏ كَأَنْتِ طَالِقٌ لِرِضَا زَيْدٍ أَوْ قِيَامِك وَنَحْوَهُ ‏(‏أَرَدْتُ الشَّرْطَ‏)‏ أَيْ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ ‏(‏قُبِلَ مِنْهُ حُكْمًا‏)‏؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يُوجَدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ لِلتَّعْلِيقِ كَأَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ رَضِيَ أَبُوك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبَى‏)‏ أَبُوهَا أَيْ قَالَ لَا أَرْضَى بِذَلِكَ ‏(‏ثُمَّ رَضِيَ‏)‏ بَعْدَ إبَائِهِ ‏(‏وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُطْلَقٌ فَهُوَ مُتَرَاخٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَكِ اللَّهُ بِالنَّارِ أَوْ‏)‏ إنْ كُنْت ‏(‏تُبْغِضِينَ الْجَنَّةَ أَوْ‏)‏ إنْ كُنْتِ تُبْغِضِينَ ‏(‏الْحَيَاةَ وَنَحْوِهِمَا‏)‏ كَالْخُبْزِ وَالطَّعَامِ اللَّذِيذِ وَالْعَافِيَةِ ‏(‏فَقَالَتْ أُحِبُّ‏)‏ التَّعْذِيبَ بِالنَّارِ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَتْ ‏(‏أُبْغِضُ‏)‏ الْجَنَّةَ وَالْحَيَاةَ وَنَحْوَهُمَا ‏(‏لَمْ تَطْلُقْ إنْ قَالَتْ كَذَبْت وَلَوْ قَالَ‏)‏ إنْ كُنْت تُحِبِّينَ بِقَلْبِكِ أَنْ يُعَذِّبَكِ اللَّهُ بِالنَّارِ، أَوْ إنْ كُنْت تُبْغِضِينَ ‏(‏بِقَلْبِك‏)‏ الْجَنَّةَ وَنَحْوَهَا لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ عَادَةً كَقَوْلِهِ إنْ كُنْتِ تَعْتَقِدِينَ أَنَّ الْجَمَلَ يَدْخُلُ فِي خَرْمِ الْإِبْرَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أَعْتَقِدُهُ فَإِنْ عَاقِلًا لَا يُجَوِّزُهُ فَضْلًا عَنْ اعْتِقَادِهِ، فَإِنْ لَمْ تَقُلْ‏:‏ كَذَبْتَ، فَقَالَ الْقَاضِي تَطْلُقُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ لَمْ تَطْلُقْ إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً‏.‏

وَفِي الْإِنْصَافِ وَالْأَوْلَى أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إذَا كَانَتْ تَعْقِلُهُ أَوْ كَانَتْ كَاذِبَةً وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَإِنْ قَالَ‏:‏ إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ أَوْ تُبْغِضِينَ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ طَلُقَتْ وَإِنْ كَذَبَتْ‏.‏

‏(‏وَلَوْ قَالَ‏)‏ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ كَانَ أَبُوك يَرْضَى بِمَا فَعَلْتِيهِ‏)‏ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ‏:‏ مَا رَضِيت ثُمَّ قَالَ ‏(‏رَضِيت طَلُقَتْ‏)‏ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى رِضًا مُسْتَقْبَلٍ وَقَدْ وُجِدَ و‏(‏لَا‏)‏ تَطْلُقُ ‏(‏إنْ قَالَ‏)‏ لَهَا ‏(‏إنْ كَانَ أَبُوك رَاضِيًا بِهِ‏)‏ أَيْ بِمَا فَعَلْتِيهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ‏:‏ مَا رَضِيتُ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ رَضِيت؛ لِأَنَّهُ مَاضٍ ‏(‏وَتَعْلِيقُ عِتْقٍ‏)‏ فِيمَا تَقَدَّمَ ‏(‏كَطَلَاقٍ‏)‏؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ ‏(‏وَيَصِحُّ‏)‏ تَعْلِيقُ عِتْقٍ ‏(‏بِالْمَوْتِ‏)‏ وَهُوَ التَّدْبِيرُ لِلْخَبَرِ بِخِلَافِ تَعْلِيقِ طَلَاقٍ بِمَوْتٍ وَتَقَدَّمَ‏.‏

فصل‏:‏ في مسائل متفرقة من تعليق الطلاق بالشروط

‏(‏إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ‏:‏ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا رَأَيْتِ الْهِلَالَ أَوْ‏)‏ أَنْتِ طَالِقٌ ‏(‏عِنْدَ رَأْسِهِ‏)‏ أَيْ الْهِلَالِ ‏(‏وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏إذَا رُئِيَ‏)‏ الْهِلَالُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ‏(‏وَقَدْ غَرُبَتْ الشَّمْسُ‏)‏ لَا قَبْلَهُ ‏(‏أَوْ تَمَّتْ‏)‏ الْعِدَّةُ بِتَمَامِ الشَّهْرِ قَبْلَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْهِلَالِ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ الْعِلْمُ بِأَوَّلِ الشَّهْرِ لِحَدِيثِ ‏{‏إذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا‏}‏‏.‏

وَالْمُرَادُ رُؤْيَةُ الْبَعْضِ وَحُصُولُ الْعِلْمِ فَانْصَرَفَ لَفْظُ الْحَالِفِ إلَى عُرْفِ الشَّرْعِ كَقَوْلِهِ إذَا صَلَّيْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا الدُّعَاءِ بِخِلَافِ رُؤْيَةِ نَحْوِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا عُرْفٌ يُخَالِفُ اللُّغَةَ وَلَا تَطْلُقُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ قَبْلَ الْغُرُوبِ ‏(‏وَإِنْ نَوَى الْعِيَانَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَصْدَرُ عَايَنَ أَيْ نَوَى مُعَايَنَةَ الْهِلَالِ‏)‏ أَيْ إدْرَاكَهُ بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ خَاصَّةً مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ‏(‏أَوْ‏)‏ نَوَى ‏(‏حَقِيقَةَ رُؤْيَتِهَا قُبِلَ‏)‏ مِنْهُ ‏(‏حُكْمًا‏)‏؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَرَاهُ فِي الثَّانِيَة أَوْ يُرَى فِي الْأُولَى ‏(‏وَهُوَ هِلَالٌ‏)‏ أَيْ يُسَمَّى بِذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ‏(‏إلَى‏)‏ لَيْلَةٍ ‏(‏ثَالِثَةٍ‏)‏ مِنْ الشَّهْرِ ‏(‏ثُمَّ يُقْمِرُ‏)‏ بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَيْ يُسَمَّى قَمَرًا فَلَوْ نَوَى حَقِيقَةَ رُؤْيَتِهَا لَهُ فَلَمْ تَرَهُ حَتَّى أَقْمَرَ لَمْ يَحْنَثْ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لَهَا ‏(‏إنْ رَأَيْتِ زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَرَأَتْهُ‏)‏ مُطَاوَعَةً ‏(‏لَا مُكْرَهَةً وَلَوْ‏)‏ كَانَ زَيْدٌ ‏(‏مَيِّتًا أَوْ فِي مَاءٍ أَوْ زُجَاجٍ‏)‏ وَنَحْوِهِ ‏(‏شَفَّافٍ‏)‏ لَا يَحْجُبُ مَا وَرَاءَهُ ‏(‏طَلُقَتْ‏)‏ لِوُجُودِ الصِّفَةِ بِحَقِيقَةِ رُؤْيَتِهَا فَإِنْ كَانَ الزُّجَاجُ غَيْرَ شَفَّافٍ وَكَانَ فِيهِ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهَا لَهُ لِلْحَائِلِ ‏(‏إلَّا مَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ‏)‏ تَخُصُّ الرُّؤْيَةَ بِحَالٍ فَلَا تَطْلُقُ إذَا رَأَتْهُ فِي غَيْرِهَا ‏(‏وَلَا تَطْلُقُ إنْ رَأَتْ خَيَالَهُ فِي مَاءٍ أَوْ فِي مِرْآةٍ أَوْ جَالِسَةً عَمْيَاءَ‏)‏؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ أَنْ لَا تَجْتَمِعَ مَعَهُ فَيَحْنَثُ إنْ جَالَسَتْهُ عَمْيَاءَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏مَنْ بَشَّرَتْنِي أَوْ أَخْبَرَتْنِي بِقُدُومِ أَخِي فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَهُ‏)‏ بِهِ ‏(‏عَدَدُ‏)‏ اثْنَانِ فَأَكْثَرَ مِنْ نِسَائِهِ ‏(‏مَعًا طَلُقْنَ‏)‏ ذَلِكَ الْعَدَدَ لِوُقُوعِ لَفْظَةِ مَنْ عَلَى الْوَاحِدِ فَأَكْثَرَ قَالَ اللَّه تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ‏}‏ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يُبَشِّرْنَهُ أَوْ يُخْبِرْنَهُ مَعًا بَلْ مُرَتَّبَاتٍ ‏(‏فَسَابِقَةٌ صَدَقَتْ‏)‏ تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ التَّبْشِيرَ حَصَلَ بِإِخْبَارِهَا خَبَرَ صِدْقٍ تَتَغَيَّرُ بِهِ بَشَرَةُ الْوَجْهِ مِنْ سُرُورٍ أَوْ غَمٍّ وَالْخَبَرُ الْكَاذِبُ وَمَا بَعْدَ عِلْمِ الْمُخْبَرِ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ تَصْدُقُ السَّابِقَةُ ‏(‏فَأَوَّلُ صَادِقَةٍ‏)‏ مِنْهُنَّ تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ السُّرُورَ أَوْ الْغَمَّ إنَّمَا يَحْصُلُ بِخَبَرِهَا‏.‏

‏{‏فَائِدَةٌ‏}‏ لَوْ قَالَ إنْ ظَنَنْت كَذِبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَظَنَّتْهُ بِهِ طَلُقَتْ‏.‏

لَا يُقَالُ الظَّنُّ لَا يَنْتُجُ قَطْعِيًّا فَكَيْفَ تَطْلُقُ‏؟‏؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ حَصَلَ لَكَ الظَّنُّ بِكَذَا إلَخْ‏.‏

وَالْحُصُولُ قَطْعِيٌّ فَيَنْتُجُ قَطْعِيًّا‏.‏

‏(‏وَمَنْ حَلَفَ عَنْ شَيْءٍ‏)‏ لَا يَفْعَلُهُ ‏(‏ثُمَّ فَعَلَهُ مُكْرَهًا‏)‏ لَمْ يَحْنَثْ نَصًّا لِعَدَمِ إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ فَعَلَهُ ‏(‏مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ نَائِمًا لَمْ يَحْنَثْ‏)‏؛ لِأَنَّهُ مُغَطًّى عَلَى عَقْلِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ أَنْ فَعَلَهُ ‏(‏نَاسِيًا‏)‏ لِحَلِفِهِ ‏(‏أَوْ جَاهِلًا‏)‏ أَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ الْحِنْثُ بِهِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ فَدَخَلَهَا جَاهِلًا أَنَّهَا دَارُ زَيْدٍ أَوْ جَاهِلًا الْحِنْثَ إذَا دَخَلَ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ ثَوْبَ زَيْدٍ فَدَفَعَهُ زَيْدٌ لِآخَرَ لِيَدْفَعَهُ لِمَنْ يَبِيعُهُ فَدَفَعَهُ لِلْحَالِفِ فَبَاعَهُ غَيْرَ عَالِمٍ يَحْنَثُ فِي طَلَاقِهِ وَعِتْقِهِ فَقَطْ ‏(‏أَوْ عَقَدَهَا‏)‏ أَيْ الْيَمِينَ ‏(‏يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ‏)‏ كَمَنْ حَلَفَ لَا فَعَلْتُ كَذَا ظَانًّا أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ ‏(‏فَبَانَ بِخِلَافِهِ يَحْنَثُ فِي‏)‏ حَلِفِهِ بِ ‏(‏طَلَاقٍ وَعِتْقٍ‏)‏؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ وَقَدْ وُجِدَ، وَلِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ كَالْإِتْلَافِ ‏(‏فَقَطْ‏)‏ أَيْ دُونَ الْيَمِينِ الْمُكَفَّرَةِ فَلَا يَحْنَثُ فِيهَا نَصًّا؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَدْخُلُ فِي حَدِيثِ ‏{‏عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ‏}‏‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ حَلَفَ عَنْ شَيْءٍ ‏(‏لَيَفْعَلَنَّهُ‏)‏ كَلَيَقُومَنَّ ‏(‏فَتَرَكَهُ مُكْرَهًا‏)‏ عَلَى تَرْكِهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ لَا يُضَافُ إلَيْهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ تَرَكَهُ ‏(‏نَاسِيًا لَمْ يَحْنَثْ‏)‏ قَطَعَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ جَمَاعَةٍ يَحْنَثُ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ كَالَّتِي قَبْلَهَا وَقَطَعَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّرْكَ يَكْثُرُ فِيهِ النِّسْيَانُ فَيَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ‏.‏

‏(‏وَمَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ‏)‏ أَيْ الْحَالِفِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَغُلَامِهِ وَنَحْوِهِمْ ‏(‏وَقَصَدَ‏)‏ بِيَمِينِهِ ‏(‏مَنْعَهُ كَهُوَ‏)‏ أَيْ الْحَالِفِ فَمَنْ حَلَفَ عَلَى نَحْوِ زَوْجَتِهِ لَا تَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَتْهَا نَاسِيَةً أَوْ جَاهِلَةً بِيَمِينِهِ فَعَلَى مَا سَبَقَ يَحْنَثُ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ فَقَطْ، وَإِنْ قَصَدَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ وَفَعَلَهُ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ قَالَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ ذَكَرَهُ فِي الْإِنْصَافِ، ثُمَّ إنْ حَلَفَ عَلَى مَنْ لَا يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ كَأَجْنَبِيٍّ وَذِي سُلْطَانٍ حَنِثَ بِالْمُخَالَفَةِ مُطْلَقًا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ حَلَفَ ‏(‏لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا أَوْ‏)‏ حَلَفَ ‏(‏لَا يُكَلِّمُهُ أَوْ‏)‏ حَلَفَ ‏(‏لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ‏)‏ أَيْ فُلَانٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ حَلَفَ لَا ‏(‏يُفَارِقُهُ حَتَّى يَقْضِيَهُ‏)‏ حَقَّهُ ‏(‏فَدَخَلَ‏)‏ الْحَالِفُ ‏(‏بَيْتًا هُوَ‏)‏ أَيْ فُلَانٌ ‏(‏فِيهِ‏)‏ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ ‏(‏أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ‏)‏ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ سَلَّمَ ‏(‏عَلَى قَوْمٍ هُوَ‏)‏ أَيْ فُلَانٌ ‏(‏فِيهِمْ وَلَمْ يَعْلَمْ‏)‏ الْحَالِفُ ‏(‏بِهِ أَوْ قَضَاهُ فُلَانٌ حَقَّهُ فَخَرَجَ رَدِيئًا أَوْ أَحَالَهُ‏)‏ فُلَانٌ ‏(‏بِهِ‏)‏ أَيْ بِحَقِّهِ ‏(‏فَفَارَقَهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ بَرِئَ حَنِثَ‏)‏ الْحَالِفُ لِفِعْلِهِ مَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ قَاصِدًا لَهُ ‏(‏إلَّا فِي السَّلَامِ‏)‏ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إلَّا فِي ‏(‏الْكَلَامِ‏)‏ بِأَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ أَوْ كَلَّمَهُمْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ بِسَلَامِهِ أَوْ كَلَامِهِ ‏(‏وَإِنْ عَلِمَ‏)‏ الْحَالِفُ ‏(‏بِهِ‏)‏ أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ‏(‏فِي سَلَامٍ‏)‏ أَوْ كَلَامٍ بِأَنْ عَلِمَهُ فِيهِمْ ‏(‏وَلَمْ يَنْوِهِ‏)‏ بِالسَّلَامِ أَوْ الْكَلَامِ ‏(‏وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ بِقَلْبِهِ حَنِثَ‏)‏؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ عَلَيْهِ عَالِمًا بِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ مُنْفَرِدًا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ حَلَفَ ‏(‏لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى يَفْعَلَ جَمِيعَهُ‏)‏؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنَاوَلَتْ فِعْلَ الْجَمِيعِ فَلَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِهِ فَمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ الرَّغِيفَ لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى يَأْكُلَهُ أَوْ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى يَدْخُلَهَا بِجُمْلَتِهِ ‏(‏و‏)‏ إنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ ‏(‏لَا يَفْعَلُهُ أَوْ‏)‏ حَلَفَ عَلَى ‏(‏مَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ كَزَوْجَةٍ وَقَرَابَةٍ‏)‏ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا ‏(‏وَقَصَدَ مَنْعَهُ‏)‏ مِنْ فِعْلِهِ ‏(‏وَلَا نِيَّةَ‏)‏ تُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ ‏(‏وَلَا سَبَبَ وَلَا قَرِينَةَ‏)‏ تَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْ بَعْضِهِ ‏(‏فَفَعَلَ‏)‏ الْحَالِفُ أَوْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ‏(‏بَعْضَهُ‏)‏ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرَّغِيفَ فَأَكَلَ بَعْضَهُ ‏(‏لَمْ يَحْنَثْ‏)‏ نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى امْرَأَتِهِ لَا تَدْخُلُ بَيْتَ أُخْتِهَا لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَدْخُلَهَا كُلَّهَا أَلَا تَرَى أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ‏:‏ كُلِّي أَوْ بَعْضِي؛ لِأَنَّ الْكُلَّ لَا يَكُونُ بَعْضًا وَالْبَعْضُ لَا يَكُونُ كُلًّا وَسَبَقَ ‏{‏أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ إلَى عَائِشَةَ فَتُرَجِّلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ‏}‏ وَالْمُعْتَكِفُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ‏.‏

‏(‏فَمَنْ حَلَفَ عَلَى مُمْسَكٍ مَأْكُولًا‏)‏ كَرُمَّانَةٍ أَوْ تُفَّاحَةٍ ‏(‏لَا آكُلُهُ وَلَا أَلْقَاهُ وَلَا أَمْسِكُهُ فَأَكَلَ بَعْضًا وَرَمَى الْبَاقِي‏)‏ أَوْ أَمْسَكَهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْهُ كُلَّهُ وَلَمْ يُلْقِهِ كُلَّهُ وَلَمْ يُمْسِكْهُ كُلَّهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ حَلَفَ ‏(‏لَا يَدْخُلُ دَارًا فَأَدْخَلَهَا بَعْضَ جَسَدِهِ أَوْ دَخَلَ طَاقَ بَابِهَا‏)‏ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا بِجُمْلَتِهِ‏.‏

‏(‏أَوْ‏)‏ حَلَفَ عَلَى امْرَأَةٍ ‏(‏لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ‏)‏ أَيْ غَزْلِهَا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ كُلُّهُ لَيْسَ مِنْ غَزْلِهَا أَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْإِنَاءِ فَشَرِبَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْهُ بَلْ بَعْضَهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ حَلَفَ ‏(‏لَا يَبِيعُ عَبْدَهُ وَلَا يَهَبُهُ‏)‏ أَوْ يُؤَجِّرُهُ وَنَحْوَهُ ‏(‏فَبَاعَ أَوْ وَهَبَ‏)‏ أَوْ أَجَّرَ وَنَحْوَهُ ‏(‏بَعْضَهُ‏)‏ أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ وَوَهَبَ بَاقِيَهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ كُلَّهُ وَلَا وَهَبَهُ كُلَّهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ حَلَفَ ‏(‏لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى فُلَانٍ شَيْئًا فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ‏)‏ عَلَى الْحَالِفِ ‏(‏بِسَبَبِ الْحَقِّ مِنْ قَرْضٍ أَوْ نَحْوِهِ‏)‏ بِأَنْ شَهِدَتْ أَنَّ الْحَالِفَ اقْتَرَضَ مِنْهُ أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ ‏(‏دُونَ أَنْ يَقُولَا‏)‏ أَيْ الشَّاهِدَانِ ‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ الدَّيْنُ بَاقٍ ‏(‏عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ‏)‏ لِإِمْكَانِ صِدْقِهِ بِدَفْعِ الْحَقِّ أَوْ بَرَاءَتِهِ مِنْهُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِمَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ حَلَفَ ‏(‏لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ فَشَرِبَ مِنْهُ‏)‏ حَنِثَ لِصَرْفِ يَمِينِهِ إلَى الْبَعْضِ لِاسْتِحَالَةِ شُرْبِ جَمِيعِهِ، وَكَذَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ أَوْ اللَّحْمَ أَوْ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ أَوْ الْعَسَلَ وَنَحْوَهُ مِنْ كُلِّ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ اسْمُ جِنْسٍ أَوْ اسْمُ جَمْعٍ فَيَحْنَثُ بِالْبَعْضِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ فَشَرِبَ مِنْ نَهْرٍ يَأْخُذُ مِنْهُ حَنِثَ‏.‏

‏(‏أَوْ‏)‏ حَلَفَ عَلَى امْرَأَةٍ ‏(‏لَا يَلْبِسُ مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ‏)‏ أَيْ غَزْلِهَا ‏(‏يَحْنَثْ‏)‏؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ غَزْلِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا وَتَقَدَّمَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏إنْ لَبِسْت ثَوْبًا أَوْ لَمْ يَقُلْ ثَوْبًا‏)‏ بِأَنْ قَالَ إنْ لَبِسْت ‏(‏فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى‏)‏ ثَوْبًا ‏(‏مُعَيَّنًا قُبِلَ‏)‏ مِنْهُ ‏(‏حُكْمًا‏)‏؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ وَصِدْقُهُ مُمْكِنٌ ‏(‏سَوَاءٌ‏)‏ كَانَ حَلِفُهُ ‏(‏بِطَلَاقٍ أَمْ بِغَيْرِهِ و‏)‏ إنْ حَلَفَ ‏(‏لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ‏)‏ أَيْ الثَّوْبَ ‏(‏أَوْ نَسَجَهُ أَوْ طَبَخَهُ‏)‏ أَيْ الطَّعَامَ ‏(‏زَيْدٌ فَلَبِسَ‏)‏ الْحَالِفُ ‏(‏ثَوْبًا نَسَجَهُ هُوَ‏)‏ أَيْ زَيْدٌ ‏(‏وَغَيْرُهُ‏)‏ حَنِثَ ‏(‏أَوْ‏)‏ لَبِسَ ثَوْبًا أَوْ أَكَلَ طَعَامًا ‏(‏اشْتَرَيَاهُ أَيْ زَيْدٌ‏)‏ وَغَيْرُهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ لَبِسَ ثَوْبًا أَوْ أَكَلَ طَعَامًا اشْتَرَاهُ أَيْ زَيْدٌ لِغَيْرِهِ حَنِثَ ‏(‏أَوْ أَكَلَ‏)‏ الْحَالِفُ ‏(‏مِنْ طَعَامٍ طَبَخَاهُ‏)‏ أَيْ زَيْدٌ وَغَيْرُهُ ‏(‏حَنِثَ‏)‏ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبِسُ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا وَغَزْلِ غَيْرِهَا، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ دَارًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ ‏(‏وَإِنْ اشْتَرَى غَيْرُهُ‏)‏ أَيْ غَيْرُ زَيْدٍ ‏(‏شَيْئًا‏)‏ انْفَرَدَ بِشِرَائِهِ ‏(‏فَخَلَطَهُ‏)‏ أَيْ الْحَالِفُ أَوْ غَيْرُهُ ‏(‏بِمَا اشْتَرَاهُ هُوَ‏)‏ أَيْ زَيْدٌ ‏(‏فَأَكَلَ‏)‏ الْحَالِفُ مِنْهُ ‏(‏أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَى شَرِيكُهُ حَنِثَ‏)‏؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ يَقِينًا ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَأْكُلُ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهُ غَيْرُ زَيْدٍ ‏(‏فَلَا‏)‏ حِنْثَ سَوَاءٌ أَكَلَ قَدْرَ مَا اشْتَرَاهُ شَرِيكُهُ أَوْ دُونَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ وَلَمْ يُتَيَقَّنْ الْحِنْثُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ حَلَفَ ‏(‏لَا يَبِيتُ عِنْدَ زَيْدٍ حَنِثَ ب‏)‏ مُكْثِهِ عِنْدَهُ ‏(‏أَكْثَرَ اللَّيْلِ‏)‏؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى مَبِيتًا بِخِلَافِ نِصْفِ اللَّيْلِ فَمَا دُونَهُ وَلَا يَحْنَثُ ‏(‏إنْ حَلَفَ لَا أَقَمْت عِنْدَهُ كُلَّ اللَّيْلِ أَوْ‏)‏ حَلَفَ لَا أَبَيْت عِنْدَهُ و‏(‏نَوَاهُ‏)‏ أَيْ كُلَّ اللَّيْلِ ‏(‏فَأَقَامَ عِنْدَهُ بَعْضَهُ‏)‏ أَيْ اللَّيْلِ وَلَوْ أَكْثَرَهُ‏.‏

‏(‏وَلَا‏)‏ يَحْنَثُ ‏(‏إنْ حَلَفَ لَا أَبَيْتُ‏)‏ بِبَلَدٍ ‏(‏أَوْ لَا آكُلُ بِبَلَدٍ فَبَاتَ أَوْ أَكَلَ خَارِجَ بُنْيَانِهِ‏)‏ أَيْ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِتْ أَوْ يَأْكُلْ فِيهِ وَيَحْنَثُ إنْ أَكَلَ أَوْ بَاتَ بِمَسْجِدِهَا؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ خَارِجَهَا قَرِيبًا مِنْهَا عَادَةً وَلَوْ قَالَ‏:‏ إنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي السُّوقِ فَعَبْدِي حُرٌّ وَإِنْ كَانَ عَبْدِي فِي السُّوقِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَكَانَا فِيهِ عَتَقَ الْعَبْدُ وَلَمْ تَطْلُقْ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ بِالسُّوقِ عَبْدٌ‏.‏

باب‏:‏ التأويل في الحلف بطلاق أو غيره

‏(‏وَهُوَ‏)‏ أَيْ التَّأْوِيلُ ‏(‏أَنْ يُرِيدَ‏)‏ مُتَكَلِّمٌ ‏(‏بِلَفْظِهِ مَا‏)‏ أَيْ مَعْنَى ‏(‏يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ‏)‏ أَيْ اللَّفْظِ ‏(‏وَلَا يَنْفَعُ‏)‏ تَأْوِيلٌ فِي حَلِفٍ ‏(‏ظَالِمًا‏)‏ بِحَلِفِهِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏{‏يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ‏}‏ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏.‏

وَفِي لَفْظه ‏{‏الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ‏}‏ فَمَنْ عِنْدَهُ حَقٌّ وَأَنْكَرَهُ فَاسْتَحْلَفَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فَتَأَوَّلَ انْصَرَفَتْ يَمِينُهُ إلَى ظَاهِرِ الَّذِي عَنَاهُ الْمُسْتَحْلِفُ وَلَمْ يَنْفَعْ الْحَالِفَ تَأْوِيلُهُ، لِئَلَّا يَفُوتَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ بِالتَّحْلِيفِ وَيَصِيرَ التَّأْوِيلُ وَسِيلَةً إلَى جَحْدِ الْحُقُوقِ وأَكْلِهَا بِالْبَاطِلِ ‏(‏وَيُبَاحُ‏)‏ التَّأْوِيلُ ‏(‏لِغَيْرِهِ‏)‏ أَيْ غَيْرِ الظَّالِمِ مَظْلُومًا كَانَ أَوْ لَا ظَالِمًا، رُوِيَ أَنَّ مُهَنَّا وَالْمَرُّوذِيَّ كَانَا عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ هُمَا وَجَمَاعَةٌ مَعَهُمَا، فَجَاءَ رَجُلٌ يَطْلُبُ الْمَرُّوذِيَّ وَلَمْ يُرِدْ الْمَرُّوذِيُّ أَنْ يُكَلِّمَهُ، فَوَضَعَ مُهَنَّا أُصْبُعَهُ فِي كَفِّهِ وَقَالَ‏:‏ لَيْسَ الْمَرُّوذِيُّ هَا هُنَا، وَمَا يَصْنَعُ الْمَرُّوذِيُّ هَا هُنَا‏؟‏ يُرِيد فِي كَفِّهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحْمَدُ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏{‏كَانَ يَمْزَحُ وَلَا يَقُولُ إلَّا حَقًّا‏}‏ وَمِنْهُ ‏{‏إنَّا حَامِلُوكَ عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ‏}‏‏.‏

‏(‏فَلَوْ حَلَفَ آكِلٌ مَعَ غَيْرِهِ تَمْرًا أَوْ نَحْوَهُ‏)‏ مِمَّا لَهُ نَوًى كَخُوخٍ وَمِشْمِشٍ عَلَى الْغَيْرِ ‏(‏لَتُمَيِّزَنَّ نَوَى مَا أَكَلْت أَوْ‏)‏ حَلَفَ ‏(‏لَتُخْبِرَن بِعَدَدِهِ‏)‏ أَيْ عَدَدِ نَوَى مَا أَكَلْتَ ‏(‏فَأَفْرَدَ‏)‏ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ‏(‏كُلَّ نَوَاةٍ‏)‏ وَحْدَهَا فِيمَا إذَا حَلَفَ لَتُمَيِّزَنَّ نَوَى مَا أَكَلْت ‏(‏أَوْ عَدَّ‏)‏ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَتُخْبِرَنَّ بِعَدَدِ نَوَى مَا أَكَلْت ‏(‏مِنْ وَاحِدٍ إلَى عَدَدٍ يَتَحَقَّقُ دُخُولُ‏)‏ نَوَى ‏(‏مَا أَكَلَ فِيهِ‏)‏ أَيْ فِيمَا عَدَّهُ لَمْ يَحْنَثْ ‏(‏أَوْ‏)‏ حَلَفَ ‏(‏لَيَطْبُخَنَّ قَدْرًا بِرِطْلِ مِلْحٍ وَيَأْكُلُ مِنْهُ‏)‏ أَيْ مِمَّا طَبَخَهُ بِرِطْلِ مِلْحٍ ‏(‏فَلَا يَجِدُ فِيهِ طَعْمَ الْمِلْحِ فَصَلَقَ بِهِ بَيْضًا وَأَكَلَهُ‏)‏ لَمْ يَحْنَثْ ‏(‏أَوْ‏)‏ حَلَفَ ‏(‏لَا يَأْكُلُ بَيْضًا وَلَا تُفَّاحًا وَلْيَأْكُلُنَّ مِمَّا فِي هَذَا الْوِعَاءِ فَوَجَدَ بَيْضًا وَتُفَّاحًا فَعَمِلَ مِنْ الْبَيْضِ نَاطِفًا وَمِنْ التُّفَّاحِ شَرَابًا وَأَكَلَهُ‏)‏ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا فِي الْإِنَاءِ وَلَيْسَ بَيْضًا وَلَا تُفَّاحًا حَيْثُ اُسْتُهْلِكَ فَلَمْ يَظْهَرْ طَعْمُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ ‏(‏أَوْ‏)‏ حَلَفَ ‏(‏مَنْ عَلَى سُلَّمٍ لَا نَزَلْت إلَيْكَ‏)‏ أَيُّهَا السُّفْلَى ‏(‏وَلَا صَعِدْت إلَى هَذِهِ‏)‏ الْعُلْيَا‏.‏

‏(‏وَلَا أَقَمْت مَكَانِي سَاعَةً فَنَزَلَتْ الْعُلْيَا وَصَعِدَتْ السُّفْلَى وَطَلَعَ أَوْ نَزَلَ أَوْ‏)‏ حَلَفَ مَنْ عَلَى سُلَّمٍ ‏(‏لَا أَقَمْتُ عَلَيْهِ وَلَا نَزَلْت مِنْهُ وَلَا صَعِدْت فِيهِ فَانْتَقَلَ إلَى سُلَّمٍ آخَرَ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْكُلِّ‏)‏ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ ‏(‏إلَّا مَعَ حِيلَةٍ‏)‏ عَلَى قَصْدِ التَّخَلُّصِ مِنْ الْحَلِفِ ‏(‏أَوْ‏)‏ إلَّا مَعَ ‏(‏قَصْدٍ‏)‏ فَمَنْ حَلَفَ لَتُخْبِرَن بِعَدَدِ نَوَى مَا أَكَلْت وَقَصْدُهُ الْإِخْبَارُ بِكَمِّيَّتِهِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِذَلِكَ وَلَا يَبْرَأُ بِالْحِيلَةِ بِمَا سَبَقَ، لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْحِيَلَ غَيْرُ جَائِزَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ ‏(‏أَوْ‏)‏ مَعَ ‏(‏سَبَبٍ‏)‏ يَقْتَضِي إرَادَةَ مَعْرِفَةِ الْكَمِّيَّةِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ فَتَنْصَرِفُ الْيَمِينُ إلَيْهِ كَمَا لَوْ‏.‏

نَوَاهُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ حَلَفَ ‏(‏لَيَقْعُدَنَّ عَلَى بَارِيَةِ بَيْتِهِ وَلَا بِدَاخِلِهِ بَارِيَةً فَأَدْخَلَهُ‏)‏ أَيْ بَيْتَهُ ‏(‏قَصَبًا وَنَسَجَ‏)‏ الْقَصَبَ ‏(‏فِيهِ أَوْ نَسَجَ قَصَبًا كَانَ فِيهِ‏)‏ بَارِيَةٌ ‏(‏حَنِثَ‏)‏ لِحُصُولِ الْبَارِيَةِ بِبَيْتِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ حَلَفَ مَنْ بِمَاءٍ ‏(‏لَا أَقَمْتُ فِي هَذَا الْمَاءِ وَلَا خَرَجْتُ مِنْهُ وَهُوَ‏)‏ أَيْ الْمَاءُ ‏(‏جَارٍ لَمْ يَحْنَثْ‏)‏ أَقَامَ بِهِ أَوْ خَرَجَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقِفُ أَوْ يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِهِ ‏(‏إلَّا بِقَصْدٍ‏)‏ بِأَنْ قَصَدَ أَنْ لَا يُقِيمَ وَلَا يَخْرُجَ مِنْ الْمَاءِ مُطْلَقًا ‏(‏أَوْ‏)‏ إلَّا ‏(‏بِسَبَبٍ‏)‏ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَيَحْنَثُ ‏(‏وَإِنْ كَانَ‏)‏ الْمَاءُ ‏(‏رَاكِدًا حَنِثَ وَلَوْ حُمِلَ مِنْهُ مُكْرَهًا‏)‏؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِامْتِنَاعُ فَلَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا حَقِيقَةً قَالَ فِي شَرْحِهِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ ظَالِمٌ مَا لِفُلَانٍ عِنْدَكَ وَدِيعَةٌ وَهِيَ‏)‏ أَيْ وَدِيعَةُ فُلَانٍ ‏(‏عِنْدَهُ فَ‏)‏ حَلَفَ و‏(‏عَنَى‏)‏ أَيْ قَصَدَ ‏(‏بِمَا الَّذِي‏)‏ فَكَأَنَّهُ قَالَ الَّذِي لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةٌ ‏(‏أَوْ نَوَى غَيْرَهَا‏)‏ أَيْ مَا لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ غَيْرُ الْمَطْلُوبَةِ ‏(‏أَوْ‏)‏ نَوَى مَا لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ فِي مَكَانِ كَذَا ‏(‏غَيَّرَ مَكَانَهَا أَوْ اسْتَثْنَاهَا بِقَلْبِهِ‏)‏ بِأَنْ نَوَى لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ إلَّا الْمَطْلُوبَةُ ‏(‏فَلَا حِنْثَ‏)‏؛ لِأَنَّهُ صَادِقٌ ‏(‏وَكَذَا لَوْ اسْتَحْلَفَهُ‏)‏ ظَالِمٌ ‏(‏بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَنْ لَا يَفْعَلَ مَا‏)‏ أَيْ شَيْئًا ‏(‏يَجُوزُ فِعْلُهُ أَوْ‏)‏ اسْتَحْلَفَهُ ظَالِمٌ أَنْ ‏(‏يَفْعَلَ مَا‏)‏ أَيْ شَيْئًا ‏(‏لَا يَجُوزُ‏)‏ لَهُ فِعْلُهُ ‏(‏أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا لِشَيْءٍ لَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِهِ فَحَلَفَ‏)‏ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا ‏(‏وَنَوَى بِقَوْلِهِ طَالِقٌ مِنْ عَمَلٍ‏)‏ تَعْمَلُهُ كَخِيَاطَةٍ وَغَزْلٍ لَا طَالِقٌ مِنْ عِصْمَتِهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ نَوَى ‏(‏بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهُ‏)‏ كَأَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ طَالِقٌ مِنْ وَثَاقٍ‏.‏

‏(‏وَكَذَا إنْ قَالَ‏)‏ لَهُ ظَالِمٌ ‏(‏قُلْ زَوْجَتِي‏)‏ طَالِقٌ إنْ فَعَلَتْ كَذَا ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ ظَالِمٌ قُلْ ‏(‏كُلُّ زَوْجَةٍ لِي طَالِقٌ إنْ فَعَلْت كَذَا وَنَوَى زَوْجَتَهُ الْعَمْيَاءَ أَوْ الْيَهُودِيَّةَ أَوْ الْحَبَشِيَّةَ أَوْ نَحْوَهُ‏)‏ كَالرُّومِيَّةِ ‏(‏أَوْ نَوَى‏)‏ بِقَوْلِهِ ‏(‏كُلَّ زَوْجَةٍ تَزَوَّجْتُهَا بِالصِّينِ وَنَحْوِهِ‏)‏ كَالْهِنْدِ ‏(‏وَلَا زَوْجَةَ لِلْحَالِفِ‏)‏ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي نَوَاهَا فِي الْأُولَى ‏(‏وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِمَا نَوَاهُ‏)‏ مِنْ الصِّينِ وَنَحْوَهُ لَمْ يَحْنَثْ ‏(‏وَكَذَا لَوْ نَوَى إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ كَذَا بِالصِّينِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهُ فِيهَا‏)‏ فَلَا حِنْثَ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ ظَالِمٌ ‏(‏قُلْ نِسَائِي طَوَالِقُ إنْ كُنْتُ فَعَلْت كَذَا وَنَوَى‏)‏ بِنِسَائِهِ ‏(‏بَنَاتِهِ أَوْ نَحْوَهُنَّ‏)‏ كَأَخَوَاتِهِ وَعَمَّاتِهِ لَمْ يَحْنَثْ‏.‏

‏(‏وَلَوْ قَالَ‏)‏ لَهُ ظَالِمٌ ‏(‏كُلُّ مَا أُحَلِّفُكَ بِهِ فَقُلْ نَعَمْ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ ‏(‏الْيَمِينُ الَّتِي أُحَلِّفُكَ بِهَا لَازِمَةٌ لَك قُلْ نَعَمْ فَقَالَ‏:‏ نَعَمْ وَنَوَى‏)‏ بِقَوْلِهِ نَعَمْ ‏(‏بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ‏)‏ لَمْ يَحْنَثْ ‏(‏وَكَذَا‏)‏ لَوْ قَالَ لَهُ ‏(‏قُلْ الْيَمِينُ الَّذِي تُحَلِّفُنِي بِهَا‏)‏ لَازِمَةٌ لِي ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ‏:‏ قُلْ ‏(‏أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لِي‏)‏ إنْ كُنْت فَعَلْتُ كَذَا وَقَدْ فَعَلَهُ وَنَحْوَهُ ‏(‏فَقَالَ وَنَوَى‏)‏ بِالْيَمِينِ ‏(‏يَدَهُ أَوْ‏)‏ بِأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ ‏(‏الْأَيْدِي الَّتِي تَنْبَسِطُ عِنْدَ الْبَيْعَةِ‏)‏ أَيْ مُبَايَعَةِ الْإِمَامِ بِالْخِلَافَةِ لَمْ يَحْنَثْ ‏(‏وَكَذَا‏)‏ لَوْ قَالَ لَهُ ‏(‏قُلْ الْيَمِينُ يَمِينِي وَالنِّيَّةُ نِيَّتُكِ وَنَوَى بِيَمِينِهِ يَدَهُ وَبِالنِّيَّةِ‏)‏ مِنْ قَوْلِهِ وَالنِّيَّةُ نِيَّتُك ‏(‏الْبَضْعَةَ‏)‏ بِالْفَتْحِ‏.‏

قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ أَيْ الْقِطْعَةَ ‏(‏مِنْ اللَّحْمِ‏)‏ النِّيءِ لَمْ يَحْنَثْ‏.‏

‏(‏وَكَذَا لَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ قُلْ ‏(‏إنْ كُنْتُ فَعَلْت كَذَا فَزَوْجَتِي عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى بِالظَّهْرِ مَا يُرْكَبُ مِنْ خَيْلٍ وَنَحْوِهَا‏)‏ كَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ لَمْ يَحْنَثْ ‏(‏وَكَذَا لَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ‏:‏ قُلْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا مُظَاهِرٌ مِنْ زَوْجَتِي و‏(‏نَوَى بِمُظَاهِرٍ‏)‏ قَائِلًا ‏(‏اُنْظُرْ أَيَّنَا أَشَدُّ ظَهْرًا‏)‏ لَمْ يَحْنَثْ‏.‏

‏(‏وَكَذَا‏)‏ لَوْ قَالَ لَهُ ‏(‏قُلْ‏)‏ إنْ لَمْ أَكُنْ فَعَلْت كَذَا ‏(‏وَإِلَّا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ‏)‏ وَكَانَ فَعَلَهُ ‏(‏وَنَوَى بِالْمَمْلُوكِ الدَّقِيقَ الْمَلْتُوتَ بِالزَّيْتِ أَوْ السَّمْنِ‏)‏ لَمْ يَحْنَثْ ‏(‏وَكَذَا لَوْ نَوَى بِالْحُرِّ الْفِعْلَ الْجَمِيلَ أَوْ الرَّمْلَ الَّذِي مَا وُطِئَ‏)‏ فَلَا حِنْثَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ كَذَا إنْ قَالَ لَهُ‏:‏ قُلْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَجَارِيَتِي حُرَّةٌ أَوْ فَجَوَارِيَّ أَحْرَارٌ أَوْ فَمَمَالِيكِي أَحْرَارٌ، فَقَالَ ذَلِكَ وَنَوَى ‏(‏بِالْجَارِيَةِ السَّفِينَةَ أَوْ الرِّيحَ و‏)‏ نَوَى ‏(‏بِالْحُرَّةِ السَّحَابَةَ الْكَثِيرَةَ الْمَطَرِ‏)‏ ‏(‏أَوْ الْكَرِيمَةَ مِنْ النُّوقِ و‏)‏ نَوَى ‏(‏بِالْأَحْرَارِ الْبَقْلَ و‏)‏ نَوَى ‏(‏بِالْحَرَائِرِ الْأَيَّامَ‏)‏ فَلَا حِنْثَ ‏(‏وَمَنْ حَلَفَ‏)‏ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ ‏(‏مَا فُلَانٌ هُنَا وَعَيَّنَ مَوْضِعًا لَيْسَ فِيهِ‏)‏ فُلَانٌ ‏(‏لَمْ يَحْنَثْ‏)‏؛ لِأَنَّهُ صَادِقٌ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ مَنْ حَلَفَ ‏(‏عَلَى زَوْجَتِهِ لَا سَرَقْت مِنِّي شَيْئًا فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَةٍ لَمْ يَحْنَثْ‏)‏؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسَرِقَةٍ ‏(‏إلَّا بِنِيَّةٍ‏)‏ بِأَنْ نَوَى بِالسَّرِقَةِ الْخِيَانَةَ ‏(‏أَوْ‏)‏ بِ ‏(‏سَبَبٍ‏)‏ بِأَنْ كَانَ سَبَبُ يَمِينِهِ خِيَانَتَهَا وَلَوْ حَلَفَ لَيَعْبُدَنَّ اللَّهَ عِبَادَةً يَنْفَرِدُ بِهَا دُونَ جَمِيعِ النَّاسِ فِي وَقْتِ تَلَبُّسِهِ بِهَا بَرَّ بِالطَّوَافِ وَحْدَهُ أُسْبُوعًا بَعْدَ أَنْ يُخْلَى لَهُ الْمَطَافُ‏.‏

باب‏:‏ الشك في الطلاق

الشَّكُّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَا تَرَجُّحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ‏(‏وَهُوَ هُنَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ‏)‏ بَيْنَ وُجُودِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عَدَدِهِ أَوْ شَرْطِهِ وَعَدَمِهِ‏.‏

فَيَدْخُلُ فِيهِ الظَّنُّ وَالْوَهْمُ ‏(‏وَلَا يَلْزَمُ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏بِشَكٍّ فِيهِ أَوْ‏)‏ شَكٍّ ‏(‏فِيمَا عُلِّقَ عَلَيْهِ‏)‏ الطَّلَاقُ ‏(‏وَلَوْ‏)‏ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ ‏(‏عَدَمِيًّا‏)‏ كَإِنْ لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ يَوْمَ كَذَا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، وَشَكَّ فِي قِيَامِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بَعْدَ مُضِيِّهِ فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءَ الْعِصْمَةِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْمُزِيلُ، كَالْمُتَطَهِّرِ يَشُكُّ فِي الْحَدَثِ وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ‏{‏أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ‏:‏ لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا‏}‏ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ‏.‏

وَحَدِيثُ ‏{‏دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ‏}‏‏.‏

‏(‏وَسُنَّ تَرْكُ وَطْءٍ قَبْلَ رَجْعَةٍ‏)‏ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ ‏(‏وَيُبَاحُ‏)‏ الْوَطْءُ ‏(‏بَعْدَهَا‏)‏ أَيْ الرَّجْعَةِ ‏(‏وَتَمَامُ التَّوَرُّعِ قَطْعُ الشَّكِّ بِهَا‏)‏ أَيْ بِالرَّجْعَةِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ‏.‏

لِحَدِيثِ ‏{‏فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ‏}‏ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَطْعُ الشَّكِّ ‏(‏بِعَقْدٍ‏)‏ جَدِيدٍ ‏(‏أَمْكَنُ‏)‏ لِتَيَقُّنِ الْحِلِّ لِاحْتِمَالِ الْوُقُوعِ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يُمْكِنُ رَجْعَةٌ وَلَا عَقْدٌ بِأَنْ كَانَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ مُتَمِّمًا لِعَدَمِ مَا يَمْلِكُهُ ‏(‏ف‏)‏ قَطْعُ الشَّكِّ ‏(‏بِفُرْقَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ‏)‏ تَمَامُ الْوَرَعِ ‏(‏بِأَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ تَكُنْ طَلُقَتْ فَهِيَ طَالِقٌ‏)‏ لِئَلَّا تَبْقَى مُعَلَّقَةً مَتْرُوكًا وَطْؤُهَا بِالتَّحَرُّجِ مِنْهُ‏.‏

وَمَتَى لَمْ يُطَلِّقْهَا لَمْ تَحِلَّ لِغَيْرِهِ‏.‏

‏(‏وَيُمْنَعُ‏)‏ أَيْ وَرَعًا ‏(‏حَالِفٌ لَا يَأْكُلُ ثَمَرَةً وَنَحْوِهَا‏)‏ كَرُمَّانَةٍ أَوْ جُوزَةٍ ‏(‏اشْتَبَهَتْ بِغَيْرِهَا مِنْ أَكْلِ وَاحِدَةٍ‏)‏ مِمَّا اشْتَبَهَتْ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا ‏(‏وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْهُ‏)‏ أَيْ الْحَالِفَ ‏(‏بِذَلِكَ‏)‏ أَيْ بِأَكْلِهِ وَاحِدَةً مِمَّا اشْتَبَهَتْ بِهِ ‏(‏مِنْ الْوَطْءِ‏)‏ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَأْكُولَ غَيْرُهَا وَيَقِينُ النِّكَاحِ ثَابِتٌ فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنِّ هَذِهِ الثَّمَرَةَ مَثَلًا لَمْ يَتَحَقَّقْ بَرُّهُ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ أَكَلَهَا أَوْ يَأْكُلَ مَا اخْتَلَطَتْ بِهِ كُلِّهِ مِنْ التَّمْرِ‏.‏

‏(‏وَمَنْ شَكَّ فِي عَدَدِهِ‏)‏ أَيْ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ ‏(‏بَنَى عَلَى الْيَقِينِ‏)‏ وَهُوَ الْأَقَلُّ لِمَا سَبَقَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ بِعَدَدِ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ وَجَهِلَ‏)‏ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ‏.‏

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ وَقَعَ وَاحِدَةٌ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا أَحْرَمَ بِمِثْلِ مَا أَحْرَمَ زَيْدٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ‏.‏

فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ وَيَصْرِفُهُ لِمَا شَاءَ ‏(‏فَطَلْقَةٌ‏)‏؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنَةُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَثَمَّ مَنْوِيَّةٌ‏)‏ بِأَنْ نَوَى مُعَيَّنَةً مِنْهُمَا ‏(‏طَلُقَتْ‏)‏ الْمَنْوِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهَا بِنِيَّتِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ عَيَّنَهَا بِلَفْظِهِ‏.‏

فَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ عَنَاهَا وَقَالَ‏:‏ إنَّمَا عَنَيْتُ ضَرَّتَهَا فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَا تُعْرَفْ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَنْوِ مُعَيَّنَةً ‏(‏أُخْرِجَتْ‏)‏ الْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا ‏(‏بِقُرْعَةٍ‏)‏ نَصًّا رَوَى عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ ‏(‏كَمُعَيَّنَةٍ مَنْسِيَّةٍ‏)‏ أَيْ كَمَنْ طَلَّقَ مُعَيَّنَةً ثُمَّ نَسِيَهَا فَتُمَيَّزُ بِقُرْعَةٍ ‏(‏وَكَقَوْلِهِ عَنْ طَائِرٍ إنْ كَانَ غُرَابًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ وَإِلَّا‏)‏ يَكُنْ غُرَابًا ‏(‏فَعَمْرَةُ‏)‏ طَالِقٌ وَذَهَبَ الطَّائِرُ ‏(‏وَجَهِلَ‏)‏ أَغُرَابٌ أَمْ غَيْرُهُ‏؟‏ فَيُقْرِعُ بَيْنُهُمَا فَتَطْلُقُ مَنْ أَخْرَجَتْهَا الْقُرْعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا عَيْنًا فَهُمَا سَوَاءٌ، وَالْقُرْعَةُ طَرِيقٌ شَرْعِيٌّ لِإِخْرَاجِ الْمَجْهُولِ‏.‏

وَإِنْ مَاتَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَكَانَ نَوَى الْمُطَلَّقَةَ حَلَفَ لِوَرَثَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا وَوَرِثَهَا أَوْ لِلْحَيَّةِ وَلَمْ يَرِثْ الْمَيِّتَةَ وإنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ أَحَدَهُمَا أَقْرَعَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ مَاتَ‏)‏ قَبْلَ الْقُرْعَةِ ‏(‏أَقْرَعَ وَرَثَتُهُ‏)‏ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَهُ ‏(‏وَلَا يَطَأُ‏)‏ أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهُ إحْدَاهُمَا وَدَوَاعِيهِ ‏(‏قَبْلَهَا‏)‏ أَيْ الْقُرْعَةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِإِحْدَاهُمَا يَقِينًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُصَادِفَهَا ‏(‏وَتَجِبُ النَّفَقَةُ‏)‏ لِلزَّوْجَتَيْنِ إلَى الْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مَحْبُوسَتَانِ لِحَقِّهِ فِي حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ ‏(‏وَمَتَى ظَهَرَ أَوْ ذُكِرَ‏)‏ بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ لِإِحْدَاهُمَا ‏(‏أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُ الْمُخْرَجَةِ‏)‏ بِالْقُرْعَةِ بِأَنْ ذَكَرَهَا بَعْدَ نِسْيَانِهِ ‏(‏رُدَّتْ‏)‏ الْمُخْرَجَةُ لِزَوْجِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ فِيهَا بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ وَالْقُرْعَةُ لَا حُكْمَ لَهَا مَعَ الذِّكْرِ‏.‏

فَإِذَا أَعْلَم الْمُطَلَّقَةَ رُجِعَ إلَى‏.‏

قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ مِنْهَا بِالِاشْتِبَاهِ فَإِذَا زَالَ عَنْهَا رُدَّتْ إلَيْهِ كَمَا لَوْ عَلِمَتْ مُذَكَّاةً بَعْدَ أَنْ اشْتَبَهَتْ بِمَيْتَةٍ ‏(‏مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ‏)‏ مُخْرَجَةٌ بِقُرْعَةٍ فَلَا تُرَدُّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِ بِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إبْطَالِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ ‏(‏أَوْ‏)‏ مَا لَمْ ‏(‏يُحْكَمْ بِالْقُرْعَةِ‏)‏ أَوْ يُقْرِعُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُنَّ؛ لِأَنَّهَا لَا يُمْكِنُ الزَّوْجُ رَفْعَهَا كَسَائِرِ الْحُكُومَاتِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ مَنْ قَالَ ‏(‏لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ‏)‏ غَدًا ‏(‏أَوْ حُرَّةٌ غَدًا فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا‏)‏ أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الْأَمَتَيْنِ قَبْلَهُ ‏(‏أَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُمَا‏)‏ بِأَنْ بَانَتْ مِنْهُ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ وَنَحْوُهُ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ ‏(‏قَبْلَهُ‏)‏ أَيْ الْغَدِ ‏(‏وَقَعَ‏)‏ الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ ‏(‏بِالْبَاقِيَةِ‏)‏ إذَا دَخَلَ الْغَدُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَةَ وَمَنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا قَبْلَ وَقْتِ الْوُقُوعِ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ وَلَا لِلْعِتْقِ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ‏:‏ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ لِأَمَةٍ وَأَجْنَبِيَّةٍ‏:‏ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ‏.‏

‏(‏وَمَنْ زَوَّجَ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَجُهِلَتْ‏)‏ الْمُزَوَّجَةُ ‏(‏حُرِّمَ الْكُلُّ‏)‏؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُزَوَّجَةُ‏.‏

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ‏:‏ يُقْرَعُ فَأَيَّتَهُنَّ أَصَابَتْهَا الْقُرْعَةُ فَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَهِيَ الَّتِي تَرِثُهُ‏.‏

‏(‏وَمَنْ‏)‏ لَهُ زَوْجَتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ و‏(‏قَالَ عَنْ طَائِرٍ إنْ كَانَ غُرَابًا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ حَمَامًا فَعَمْرَةُ‏)‏ طَالِقٌ وَمَضَى الطَّائِرُ ‏(‏وَجُهِلَ‏)‏ جِنْسُهُ ‏(‏لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا‏)‏ أَيْ حَفْصَةُ وَعَمْرَةَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لَيْسَ غُرَابًا وَلَا حَمَامًا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحِنْثِ، فَلَا يَزُولُ يَقِينُ النِّكَاحِ بِالشَّكِّ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ عَنْ طَائِرٍ ‏(‏إنْ كَانَ غُرَابًا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ‏)‏ قَالَ فَ ‏(‏أَمَتِي حُرَّةٌ وَقَالَ آخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا مِثْلَهُ‏)‏ أَيْ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ أَوْ أَمَتِي حُرَّةٌ ‏(‏وَلَمْ يَعْلَمَا‏)‏ الطَّائِرَ غُرَابًا أَمْ غَيْرَهُ ‏(‏لَمْ تَطْلُقَا‏)‏ أَيْ زَوْجَتَاهُمَا ‏(‏وَلَمْ تَعْتِقَا‏)‏ أَيْ أَمَتَاهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَانِثَ مِنْهُمَا غَيْرُ مَعْلُومٍ فَلَا يُحْكَمُ بِالْحِنْثِ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ لِبَقَاءِ يَقِينِ نِكَاحِهِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى ‏(‏وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْوَطْءُ‏)‏ وَدَوَاعِيهِ لِحِنْثِ أَحَدِهِمَا بِيَقِينٍ وَتَحْرِيمِ امْرَأَتِهِ عَلَيْهِ وَقَدْ أُشْكِلَ أَشْبَهَ مَا لَوْ حَنِثَ فِي إحْدَى امْرَأَتَيْهِ لَا بِعَيْنِهَا ‏(‏إلَّا مَعَ اعْتِقَادِ أَحَدِهِمَا خَطَأَ الْآخَرِ‏)‏ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ خَطَأَ رَفِيقِهِ وَطْءَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ لِتَيَقُّنِهِ الْحِلَّ وَبَقَاءَ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ الْمِلْكِ‏.‏

وَإِنْ أَقَرَّ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْحَانِثُ طَلُقَتْ زَوْجَتَاهُمَا وَعَتَقَتْ أَمَتَاهُمَا لِإِقْرَارِهِمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ بِذَلِكَ أَخَذَ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ ادَّعَتْ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ الْحِنْثَ فَأَنْكَرَ فَقَوْلُهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ إلَّا أَنْ ‏(‏يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا أَمَةَ الْآخَرِ فَيُقْرِعَ بَيْنَهُمَا‏)‏ أَيْ الْأَمَتَيْنِ ‏(‏حِينَئِذٍ‏)‏ فَتَعْتِقُ مَنْ خَرَجَتْ لَهَا الْقُرْعَةُ كَمَنْ أَعْتَقَ إحْدَى أَمَتَيْهِ وَنَسِيَهَا وَلَهُ الْوَلَاءُ إنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِلَّتِي كَانَتْ أَمَتَهُ وَإِنْ خَرَجَتْ لِلْأُخْرَى فَوَلَاؤُهَا مَوْقُوفٌ حَتَّى يَتَصَادَقَا أَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدَّعِيهِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ كَانَتْ‏)‏ أَمَةٌ ‏(‏مُشْتَرَكَةً بَيْنَ مُوسِرَيْنِ وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا‏)‏ أَيْ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ طَائِرٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا ‏(‏فَنَصِيبِي حُرٌّ‏)‏ وَقَالَ الْآخَرُ إنْ كَانَ غُرَابًا فَنَصِيبِي حُرٌّ ‏(‏عَتَقَتْ‏)‏ كُلُّهَا ‏(‏عَلَى أَحَدِهِمَا وَيُمَيَّزُ‏)‏ مَنْ عَتَقَتْ عَلَيْهِ ‏(‏بِقُرْعَةٍ‏)‏ لِيَغْرَمَ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لِامْرَأَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ‏)‏ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِحَمَاتِهِ وَلَهَا بِنْتٌ غَيْرُ زَوْجَتِهِ بِنْتُكِ طَالِقٌ ‏(‏أَوْ قَالَ سَلْمَى طَالِقٌ وَاسْمُهُمَا‏)‏ أَيْ امْرَأَتُهُ وَالْأَجْنَبِيَّةُ ‏(‏سَلْمَى طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ‏)‏ لِأَنَّهَا مَحَلُّ طَلَاقِهِ وَلَا يَمْلِكُ طَلَاقَ غَيْرِهَا ‏(‏فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ الْأَجْنَبِيَّةَ دِينَ‏)‏ أَيْ صُدِّقَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ وَلَفْظُهُ يَحْتَمِلُهُ ‏(‏وَلَمْ يُقْبَلْ‏)‏ مِنْهُ ذَلِكَ ‏(‏حُكْمًا‏)‏ فَلَا يَحْكُمُ لَهُ بِهِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِطَلَاقِهِ ‏(‏إلَّا بِقَرِينَةٍ‏)‏ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ كَدَفْعِ ظَالِمٍ وَتَخَلُّصٍ مِنْ مَكْرُوهٍ فَيُقْبَلُ حُكْمًا لِوُجُودِ الدَّلِيلِ الصَّارِفِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ زَوْجَتَهُ وَلَا الْأَجْنَبِيَّةَ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ لِمَا تَقَدَّمَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ نَادَى‏)‏ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ هِنْدٌ وَعَمْرَةُ ‏(‏مِنْ امْرَأَتَيْهِ هِنْدًا‏)‏ وَحْدَهَا ‏(‏فَأَجَابَتْهُ‏)‏ زَوْجَتُهُ ‏(‏عَمْرَةُ أَوْ لَمْ تُجِبْهُ‏)‏ عَمْرَةُ ‏(‏وَهِيَ الْحَاضِرَةُ‏)‏ عِنْدَهُ دُونَ هِنْدٍ ‏(‏فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا‏)‏ أَيْ عَمْرَةَ ‏(‏الْمُنَادَاةَ‏)‏ أَيْ هِنْدًا ‏(‏طَلُقَتْ‏)‏ هِنْدُ ‏(‏دُونَ عَمْرَةَ‏)‏ لِأَنَّ الْمُنَادَاةَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالطَّلَاقِ فَوَقَعَ بِهَا كَمَا لَوْ أَجَابَتْهُ وَعَمْرَةُ لَمْ يَقْصِدْهَا بِالطَّلَاقِ ‏(‏وَإِنْ عَلِمَهَا‏)‏ أَيْ الْمُجِيبَةَ ‏(‏غَيْرَ الْمُنَادَاةِ طَلُقَتَا‏)‏ أَيْ طَلُقَتْ الْمُنَادَاةُ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ وَالْمُجِيبَةُ لِأَنَّهُ وَاجَهَهَا بِالطَّلَاقِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا غَيْرُ الْمُنَادَاةِ ‏(‏إنْ أَرَادَ طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ‏)‏ وَهِيَ هِنْدُ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يُرِدْ طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ ‏(‏طَلُقَتْ عَمْرَةُ‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏فَقَطْ‏)‏ أَيْ دُونَ هِنْدٍ وَهِيَ الْمُنَادَاةُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُوَاجَهَةٍ بِالطَّلَاقِ وَلَا مَنْوِيَّةٌ بِهِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ زَوْجٌ ‏(‏لِمَنْ‏)‏ أَيْ امْرَأَةٍ ‏(‏ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ‏)‏ وَسَمَّى زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ ‏(‏أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَمْ يُسَمِّهَا‏)‏ أَيْ زَوْجَتَهُ بَلْ قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ فُلَانَةَ ‏(‏طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ‏)‏ اعْتِبَارًا بِالْقَصْدِ دُونَ الْخِطَابِ ‏(‏وَكَذَا عَكْسُهَا‏)‏ بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ أَنْتِ طَالِقٌ فَتَطْلُقُ، لِأَنَّهُ وَاجَهَهَا بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ كَمَا لَوْ عَلِمَهَا زَوْجَتَهُ وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهَا أَجْنَبِيَّةً، لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ‏.‏

‏(‏وَمِثْلُهُ‏)‏ أَيْ الطَّلَاقُ ‏(‏الْعِتْقُ‏)‏ فِيمَا تَقَدَّمَ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالطَّلَاقِ، إلَّا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ يُبْنَى عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ‏.‏

قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ قَالَ‏:‏ يَا غُلَامُ أَنْتَ حُرٌّ يَعْتِقُ عَبْدُهُ الَّذِي نَوَى، وَفِي الْمُنْتَخَبِ أَوْ نَسِيَ أَنَّ لَهُ عَبْدًا أَوْ زَوْجَةً فَبَانَ لَهُ‏.‏

‏(‏وَمَنْ أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً وَشَكَّ هَلْ هِيَ‏)‏ أَيْ الْكَلِمَةُ ‏(‏طَلَاقٌ أَوْ ظِهَارٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ‏)‏؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُمَا وَلَمْ يُتَيَقَّنْ أَحَدُهُمَا‏.‏

‏(‏وَإِنْ شَكَّ‏)‏ زَوْجٌ ‏(‏هَلْ ظَاهَرَ‏)‏ مِنْ زَوْجَتِهِ ‏(‏أَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى‏)‏ لَا يَطَؤُهَا ‏(‏لَزِمَهُ بِحِنْثٍ‏)‏ بِأَنْ وَطِئَهَا ‏(‏أَدْنَى كَفَّارَتَيْهَا‏)‏ وَهُوَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَالْأَحْوَطُ أَعْلَاهَا‏.‏